المساء
هالة فهمى
غد.. أفضل
يبدو أن ما يحدث في القضائيات من إسفاف والذي كنا نحتمله كمثقفين بتلك البرامج الثقافية الجادة ذات التاريخ العريق والتي تعرض في التليفزيون المصري علي مختلف قنواته الأرضية أو الفضائية والتي كانت تعوض غياب البرامج الثقافية علي تلك القنوات أصبح حلما مهددا بالفناء.. فرغم وضع تلك البرامج علي خريطة التليفزيون في أوقات ميتة إلا اننا لم نعترض وقلنا لعل وعسي تحدث الإفاقة قريبا للمسئولين بعد ثورة عظيمة ورغبة في بناء ما تم تجريفه.. ولكن هذا الحلم الذي يتبدد علي صخرة واقع أليم يدفعنا للتوجه برسالة إلي رئيس التليفزيون نخاطبه بشأن كارثة تحدث في - القناة الثانية المصرية والتي انشئت أساسا لتكون نافذة للثقافة والتنوير بل كانت بالفعل منارة للثقافة والأدب والفن.. في العصر الذهبي للتليفزيون المصري.. فترة السبعينيات والثمانينيات.
ولكن في الفترة الأخيرة تراجع دورها الثقافي والتنويري.. بسبب قيادات كارهة للثقافة.. قيادات يجب تقييمها وانتقاء الأجدر منها والأكثر وعيا وثقافة ليدير هذه القناة ويعيد لها مجدها السابق.. في رصد سريع لما تقدمه القناة الثانية من برامج ثقافية نجد كما هائلا لكنه يفتقر إلي الكيف. معظم البرامج مسطحة وغير جذابة ولا تقدم ثقافة جادة أو هادفة.. وان كانت هناك بعض البرامج الجيدة فهي استثناء وتحارب.. فبرنامج "كنوز مسرحية" مثلا والذي يقدم مسرحيات الزمن القديم كانت هناك محاولات مستميتة لايقافه ومحاولات أخري لاسناد إعداده لموظف في الشئون القانونية لولا تدخل رئيس التليفزيون فأسند البرنامج لمعد متخصص. ولم تنته الأمور عند هذه الحادثة. بل الحرب علي الثقافة الجادة مستمرة فتتجه النية لإلغاء برنامج له تاريخه الطويل فقد قدم رموز الفكر والأدب والفن عبر عشرات السنين وهو برنامج "الصالون الثقافي" في واقعة أقرب إلي الكوميديا تم إلغاء التصوير في اللحظة التي يتحرك فيها فريق العمل لتصوير إحدي حلقاته في أحد الصالونات وبدون إبداء أي أسباب منطقية أو مقنعة هذا مع إنها هي بنفسها من وقعت كامل الأوراق الخاصة بهذه الحلقة وقد أصاب هذا الإلغاء العاملين بالبرنامج بالذهول والصدمة خاصة المعد الذي اتفق مع الضيوف الذين كانوا في الانتظار.. الصدمة الثانية عندما طلبت رئيسة القناة الثانية أن يفكر معد البرنامج في فكرة جديدة فقد قررت إلغاء الصالون الثقافي وقد غاب عنها أن هناك برامج أصبحت جزءاً من الذاكرة الثقافية للشعب المصري منها هذا البرنامج الذي بدأ في منتصف الثمانينيات.
أخيرا أقول لرئيس التليفزيون لقد تدخلت سابقا وانقذت برنامج كنوز مسرحية وعليك أن تدخل لانقاذ الصالون الثقافي وأي برنامج يقدم ثقافة رفيعة وهادفة. أقول أيضا لن يعود التليفزيون إلي سابق عصره إلا بقيادات مثقفة صاحبة فكر ورؤية فهل عدم التليفزيون المصري مثل هذه القيادات وأصبحت قيادات التليفزيون تحارب الثقافة.. مثلها مثل قنوات رجال الأعمال.. التليفزيون المصري ليس ملكا لرجال الأعمال ولا للحكومة بل ملكا للشعب وآن والأوان أن يقدم ما يفيد هذا الشعب وهذا الوطن الذي جرفت ثقافته عن عمد لأكثر من خمسين عاما.. والهدف تخريب المجتمع وتشتيته.. فهل يعود التليفزيون لدوره التنويري السابق قبل أن يتحول لمعول هدم... أتمني.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف