علاء عريبى
رؤي -مكاسب وخسائر لا للتطبيع
قضية التطبيع مع الكيان الصهيوني أصبحت من القضايا المملة والغبية، فقد أخذت منعطفا سخيفا إلى أقصى حد، اتخذ منها البعض أداة للشهرة، والبعض الآخر أخذها وسيلة لتصفية خصومه والتشهير بهم، وملف بمثل هذه السماجة والعفانة يجب ألا يترك هكذا دون فتحه ومناقشته بصوت مرتفع، ومواجهة الذين يزايدون به ويتربحون أدبيا من خلاله، لأن الأمر وصل إلى حد لا يجوز السكوت عنه، خاصة وأننا منذ أن رفعنا هذا الشعار قد تغيرت عوامل كثيرة، على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي، حتى على مستوى الجغرافيا فقد تغير الوضع فى أغلب البلدان العربية، خاصة بلدان الطوق.
من الطبيعي أن نراجع حساباتنا: لماذا رفعنا شعار لا للتطبيع؟، هل كرها وموقفا نهائيا من الكيان الصهيوني أم كسلاح للضغط على الحكومات الصهيونية بهدف فتح باب التفاوض حول إعادة الأراضي المحتلة؟، إذا كان لا للتطبيع كراهية فللكارهين أن يظلوا على كراهيتهم وموقفهم، لكن في هذه الحالة الكراهية لا يجب أن تعمم، كما أنها لا تصلح لأن نتخذ منها موقفا سياسيا، وإذا كان لا للتطبيع سلاحا حملناه في حالة عجز الحكومات العربية عن تحرير الأراضي بالحرب، فهنا علينا أن نتساءل: ما هو الهدف من حمل هذا السلاح؟، وما هي الفترة التي يجب أن نقاتل به؟، وهل نقاتل به جميع الأفراد الذين يعيشون على الأراضي المحتلة؟، هل نحارب به الحكومات والفئات الكارهة للعرب وتصر على احتلال أراضيهم أم أيضا الذين يتعاطفون مع العرب ويطالبون حكوماتهم بالعيش في سلام وإعادة الحقوق المغتصبة؟
السؤال الأهم بعد كل هذه السنوات هو: هل هذا السلاح حقق الهدف منه؟، هل فاعليته مازالت كما هي؟، ما أثر هذا السلاح على الحكومات الصهيونية؟، هل من تأثير له بين أفراد الشعب الإسرائيلي؟، المعروف أن نخب الحكومات التي ليست في حالة حرب مع الكيان الصهيوني هى التى رفعت سلاح لا للتطبيع، وهذه الدول إما بعيدة عن حدود الصراع أو أعادت أراضيها بحروب واتفاقيات، والمتفق عليه أيضا أن هذه الشعوب رفعت سلاح لا للتطبيع لكي تساند به الشعوب غير القادرة لفترة زمنية على تحرير أراضيها بالحروب، وأن هذا السلاح المفترض أن يضغط على الكيان الصهيوني للجلوس على مائدة التفاوض، لأن لا للتطبيع تحاصره(حسب زعمنا) اقتصاديا وثقافيا ونفسيا وتجعله يتكبد الخسائر.
المدهش بعد 35 سنة من رفع هذا الشعار أن حكومة الكيان الصهيونى لم تستجب، ولم تفكر فى إعادة الأرض المحتلة، كما أنها لم تسع إلى الجلوس على موائد التفاوض التي نفرشها لهم مرارا وتكرارا، كما أن الكيان الصهيوني حقق من خلال هذا رفع هذا الشعار مكاسب سياسية واقتصادية ونفسية واسعة على المستوى العالمى، ونجح فى كسب تعاطف أغلب الشعوب الأوروبية. وهو ما يعنى أن سلاح لا للتطبيع قد فشل، وترتب على استخدامه مكاسب لا خسائر للعدو، إذن من المنطق ان نعيد النظر مرة أخرى، ونفكر فى الفائدة التى تعود علينا من استخدام لا للتطبيع، هل من فائدة؟، وما حجمها؟، وما هى الفترة الزمنية المتوقعة للمردود من استخدامه؟، هذا إذا كانت لشعار: لا للتطبيع فائدة تذكر.