بسيونى الحلوانى
من أين يأتي الأهلي والزمالك بالدولارات؟
منذ أيام شاهدت علي "الفيس بوك" فيديو لأحد المصريين في الخارج يحث فيه كل مصري يمتلك دولارات علي الذهاب بمبلغ بسيط منها وليكن 100 أو 200 دولار إلي أحد البنوك المصرية وتغييرها بالسعر الرسمي للمساهمة في حل أزمة الدولار في مصر خاصة في ظل مخططات الجماعة الإرهابية ضرب الاقتصاد المصري عن طريق جمع دولارات المصريين في الداخل والخارج بأسعار أعلي بكثير من السعر الذي يحدده البنك المركزي.
تأثرت بما يقوله المواطن المصري من ضرورة تكاتف جهود كل المصريين لمواجهة هذه الأزمة وتوفير دولارات نستورد بها احتياجاتنا الأساسية من الخارج وقررت الذهاب صباحا إلي البنك لسحب الكام دولار الموجودة في حسابي وتغييرها إلي عملة مصرية مساهمة من العبد الفقير في مواجهة أزمة الدولار وشجعتني زوجتي علي ذلك وقالت معي في صوت واحد "طظ في 500 جنيه فرق وخلينا وطنيين ونشارك في هذه الحملة".
بعد لحظات ولأنني من عشاق كرة القدم المصرية "الهزيلة" وأشجع ناد يعشق رئيسه الإطاحة بالمدربين بسبب وبدون سبب جلست أستمع من خلال برنامج رياضي في فضائية شهيرة إلي ما سيحصل عليه مدرب الأهلي الجديد "يول" ومساعدوه من راتب ومكافآت بالدولار والتي ستزيد علي خمسة ملايين دولار خلال عام ونصف وأن جملة ما يحصل عليه المدرب ولاعبو الفريق الأجانب من النادي الأهلي سنويا يزيد علي أربعة إلي ستة ملايين دولار كلها أو معظمها من خزينة النادي الأهلي والتي هي مال عام دفعها أعضاء النادي ومعظمهم من محدودي الدخل.
أما نادي الزمالك فسوف يدفع للمدرب الجديد "ماكليش" ومساعديه خلال العام ونصف التي تم التعاقد عليها ما يقرب من مليوني دولار عبارة عن رواتب ومكافآت فوز فضلا عما يحصل عليه 3 لاعبين أجانب سنويا وهو ما يزيد علي مليون ونصف المليون دولار!!
***
عقب الاستماع إلي هذه الأرقام اتصلت بأحد الزملاء من الصحفيين الرياضيين وسألته: هل لدي الأهلي والزمالك موارد بالعملة الأجنبية من أية جهة؟
قال: لا.. لا يوجد سوي ثمن اللاعبين الذين يتم بيعهم أو إعارتهم لأندية أوروبية أو خليجية واللاعبون المصريون بمن فيهم لاعبو الأهلي والزمالك "حالهم واقف" وتجارب احترافهم فاشلة باستثناء حالات نادرة منهم وهؤلاء يحتفظون بعملاتهم الصعبة في حساباتهم بالبنوك في الداخل والخارج.
عدت لأسأل الزميل الرياضي: من أين يحصل الأهلي والزمالك علي الدولارات وبأي سعر يحصلون عليها ليسددوا هذه المبالغ الكبيرة شهريا؟
قال: من البنوك وبالسعر الرسمي حيث يحصل رؤساء الأندية علي موافقات بالحصول علي الدولار بالسعر الرسمي ليدفعوا للمدربين والمساعدين ومخططي الأحمال ومحللي الأداء واللاعبين المكسحين بالدولار.
سألت الزميل العزيز: وكم عدد المدربين والمساعدين واللاعبين الأجانب في الدوري المصري وكم من الدولارات يحصلون عليه شهريا؟
قال: المدربون ومساعدوهم في حدود 15 يحصلون علي ما يقرب من مليون دولار شهريا.. أما اللاعبون فعددهم يزيد علي 30 لاعبا معظمهم "كسر" لكنهم جميعا يحصلون علي ما يزيد علي مليون دولار شهريا!!
***
في نهاية حديثي مع الزميل العزيز سمعني أقول "علي الطلاق ما انا مغير حاجة بالسعر الرسمي" فضحك وقال: أول مرة أسمعك تحلف بالطلاق.. انت ناوي تغير كم دولار؟
قلت له: 420 دولارا تأثرت بكلام الشاب المصري المحترم وقلت أشارك مع الناس في هذه الحملة.
قال: بل دولاراتك واشرب ميتهم.. ثم فاجأني بقوله: هل تعلم الفرق الرياضية "الزبالة" التي تسافر إلي خارج مصر للمشاركة في بطولات ولا تحصل علي شيء كم تنفق؟ انت عارف أعضاء الاتحادات الرياضية الذين يسافرون في رحلات مكوكية دون أن يحاسبهم أحد كم ينفقون سنويا بالدولار من الخزينة العامة للدولة؟
قلت له: لا.. لا أريد أن أعرف.. كفي إحباطا.
***
للأسف.. نحن في مصر نسير في حلقة مفرغة ونتستر علي فساد في كل المجالات ومن بينها طبعا المجال الرياضي الذي يعج بالفساد ولا توجد جهة في الدولة تقول لمجالس إدارات الأندية كفي فسادا أو انحرافا.
ما تدفعه مجالس الإدارات الفاشلة للمدربين واللاعبين الأجانب الفاشلين هو من جيوب أعضاء الأندية ومعظمهم من محدودي الدخل الذين يدفعون مضطرين حتي لا تلغي عضوياتهم ثم تذهب أموالهم إلي جيوب مدربين ولاعبين فاشلين دون أن تحاسب الدولة هؤلاء علي إهدارهم للمال العام واتخاذ قرارات خاطئة يدفع أعضاء الأندية ثمنها.
لا ينبغي أبدا أن تقف أجهزة الدولة صامتة تجاه عبث رؤساء الأندية الرياضية وخاصة الأندية الكبري التي تهدر عشرات الملايين سنويا علي مدربين ولاعبين فاشلين.. كما لا ينبغي أبدا أن يسمح البنك المركزي بتقديم الدولارات لأندية الكرة المصرية من البنوك بالسعر الرسمي لتقديمها لمدربين فاشلين ولاعبين مكسحين فالأولي أن نستورد بهذه الدولارات زيت وقمح وطعام يسهم في حل مشكلة طعام الفقراء ومحدودي الدخل في مصر.