الجمهورية
المستشار محمد محمد خليل
عمال.. شعراء وأدباء
مصر ولاَّدة.. نعم. بما فيها من الأدباء والفنانين والشعراء. منحهم الله موهبة لافتة تملأ الآفاق فناً وشعراً وأدباً.. لا يقتصر محبو الأدب علي من استطاع منهم أن يصل إلي أعلي المراحل التعليمية.. في حياتي نماذج يجدر ذكرها. والفخر بها. لم تحصل علي أي شهادة عُليا أو غير عُليا. أحبوا الأدب. انتجوا أعمالاً إبداعية جميلة. يفخر بها الزمان.. نماذج عرفتها علي مدي سنوات عمري الثقافي. أشعر بالسعادة كلما تذكرتها.. تثير في جوانياتي الفخر والاهتمام.
النموذج الأول: الحاج عبدالعزيز الشامي رحمه الله شاعر العمال.. كان يعمل نقاشاً. يجيد مهنته. ويفخر بها. ويبتكر فيها.. يتمتع بموهبة شعرية. ظل سنوات تزيد علي الخمسين عاماً. يبدع الشعر الموزون المقفي. في جميع أغراضه. يحصل علي جوائز عديدة من جهات متعددة. من جمعية شبان المسلمين بطنطا. ومن الأستاذة جميلة العلايلي. وجهات أخري. لم يلتحق بمدرسة. ولم حصل علي شهادة. بل اكتفي بتعلمه القراءة والكتابة. في كتاب أو في المدارس الليلية التي أنشأها حزب الوفد الذي كان عضواً فيه. يعشق كل ما يمت إلي هذا الحزب بصلة.. يحدثنا عن سعد زغلول وعن النحاس باشا. ويتعصب للوفد تعصباً عنيفاً ملحوظاً. كما يتعصب للشاعر أحمد شوقي. قائلاً إن كل من هاجم أمير الشعراء. عجز عن أن يكون شاعراً مثله. يحمل علي الأستاذ العملاق عباس العقاد. بسبب هجومه علي شوقي ولإنفصاله عن حزب الوفد.
المحزن أن هذا الشاعر لم يجمع شعره في كتاب رغم كثرته. مما جعل اسمه لا يتردد في عالم الشعراء. خاصة أنه لم يتزوج. وليس لديه من يسعي إلي حفظ أعماله.
النموذج الثاني: عبدالله منصور العامل بمكتبة دار القلم قبل تأميمها. علَّم نفسه القراءة والكتابة. وحُسن خطه قرأ عشرات الكتب إن لم تكن مئات. واقتني كل كتب العملاق عباس العقاد. وغيرها. وقرأ كل ما وقعت عليه يده قراءة جيدة. راسل الصحف والمجلات. ونشر أفكاره وإبداعاته إلا أنه أثر أن يعيش بقريته التابعة لمركز السنطة محافظة الغربية.
النموذج الثالث: الشاعر المبدع سعيد عاشور عضو اتحاد الكتاب. صاحب عدد من الدواوين الشعرية. وكتب تزيد علي ستة. عرفته مصاحباً للدكتور الأستاذ حامد أبو أحمد الناقد المبدع في زيارة لي بطنطا.. في هذا اللقاء حدثني عن نفسه. قال: "إنه تعلم القراءة والكتابة في السابعة والعشرين من عمره. أتقن اللغة العربية اتقاناً دقيقاً. درس بحور الشعر العربي. أنتج أدباً رفيعاً. وشعراً جزلاً. التحق باتحاد الكتاب. كل ذلك وهو يعمل سائق سيارة نقل. مقابل أجر زهيد لا يكفيه. مؤونة أولاده وبيته. إلا أن الأدب والشعر نادوه. فلم يتمكن من الإفلات من عالم الإبداع.. يعيش بمدينة طنطا راضياً بما يرزقه الله وتأبي نفسه العفيفة أن يعيش في غير عزة وافتخار.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف