الأخبار
حلمى النمنم
الانتخابات الأمريكية والمرأة .. نحن أمام نموذجين بينهما اختلاف كبير
تقترب السيدة هيلاري كلينتون من حسم معركة الترشح عن الحزب الديمقراطي لرئاسة الولايات المتحدة، ويذهب بعض المحللين إلي أنه قد يكون أمامها فرصة كبيرة لنيل المقعد الرئاسي، بعد الفوز القوي الذي حققته يوم الثلاثاء الكبير، علي مستوي الحزب الديمقراطي، المرشح الجمهوري المحتمل، الولايات المتحدة بلد ديمقراطي بلا شك، لكن حتي هذه اللحظة، لم تتمكن أي امرأة من الفوز بالمقعد الرئاسي بها، صحيح أن القانون لا يمنع المرأة من الترشح، لكن الأوضاع الحزبية والعملية المعقدة للترشح وللتصويت، لم تسمح من قبل لسيدة بالفوز، ربما تكون السيدة هيلاري هي أقوي امرأة تنافس علي هذا المقعد في التاريخ الأمريكي، تولت المرأة الأمريكية من قبل مواقع مهمة في الإدارات المختلفة، مثل مستشار الرئيس للأمن القومي، وزارة الخارجية وغيرها.

عالمياً تولت المرأة مواقع مهمة، هناك الآن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي تعد أقوي شخصية في أوروبا، وقبلها كانت هناك السيدة مارجريت تاتشر، وترأست الحكومة البريطانية لفترة ليست قصيرة، ونالت تقدير الكثيرين في بريطانيا وفي العالم، وحملت لقب "المرأة الحديدية".

ليس الأمر وقفاً علي أوروبا وحدها، في آسيا كانت هناك السيدة أنديرا غاندي رئيس وزراء الهند، وفي زمانها كانت صوتاً مؤثراً في السياسة العالمية، وتم اغتيالها بفعل متطرف ديني، وفي أمريكا اللاتينية برزت سيدات لامعات في مواقع مهمة ومؤثرة، البرازيل نموذجاً. وهكذا شغلت المرأة الموقع الأول في كثير من بلدان العالم المهمة، غير أن ذلك لم يتح لها بالنسبة للولايات المتحدة.

لو فازت السيدة هيلاري فإن الإنسانية والتاريخ الحديث سوف يكون في وضع نادر، وهو أن تجلس امرأة علي أقوي موقع في العالم كله، لكن في التاريخ القديم، حدث شيء مشابه، حدثنا القرآن الكريم عن نموذج "بلقيس" التي حكمت اليمن، حين كان سعيداً ونتمني أن تعود إليه سعادته، وطبقاً لما قدمه القرآن الكريم عنها، كانت سيدة رشيدة، تستشير معاونيها وتستمع إليهم وتنصت إلي صوت العقل والضمير.

في تاريخنا المصري، لدينا نموذج حتشبسوت، وشرح لي د. ممدوح الدماطي، وزير الآثار، وهو قبل ذلك وبعده أستاذ وعالم في الآثار المصرية الفرعونية، أن هناك في تاريخنا القديم، خمسة نماذج أخري لحاكمات قويات مثل "حتشبسوت"، بعد ذلك وفي العصر الأيوبي عرفنا نموذج "شجرة الدر"، التي حكمت مصر في لحظة فارقة وعصيبة، كانت البلاد في حالة حرب، وكان الصليبيون يحتلون المنصورة ودمياط، وقد تمنكت من أن تقود المعركة والبلاد حتي تحقق النصر علي النحو المعروف للدارسين وعموم المثقفين. وبشكل عام، فإن الحضارات القديمة، في بلاد الشرق خاصة، أعطت للمرأة مكاناً متميزاً سياسياً ودينياً واجتماعياً، ومن يدرس الحضارة المصرية القديمة وحضارة بلاد الرافدين وغيرها يتبين ذلك جيداً.

وما نراه اليوم، في الانتخابات الأمريكية، ليس جديداً في التاريخ الإنساني، وإن كان جديداً في التاريخ الحديث فقط، وهو يحمل الكثير من الدلالات، أهمها أن روح الحداثة في انتصار وتقدم، علي روح ونزعات العصور الوسطي، التي حجبت المرأة سياسياً واجتماعياً، بالإضافة إلي فئات أخري من المجتمع، ومن بني البشر عن أن يكون لهم دور فاعل في قيادة الأمم، فضلاً عن حقها في أن تفتح معظم المجالات العامة أمامها.

يزيد الأمر حساسية أن منافسها المحتمل، السيد دونالد ترامب، عبر في بعض آرائه عن أفكار تنتمي إلي العصور الوسطي، مثل موقفه من المواطنين الأمريكيين، الذين دخلوا الولايات المتحدة من المكسيك، بشكل غير قانوني وأقاموا فيها بشكل دائم، وعددهم حوالي 12 مليون، وموقفه العدائي من المسلمين الأمريكيين، هو يريد "تطهير" الولايات المتحدة منهم جميعاَ، وطالب بذلك.

نحن إذن بإزاء نموذجين بينهما اختلاف كبير، ولأن الولايات المتحدة هي القوة العظمي في هذا العالم، إلي اليوم، فإن الانتخابات بها تؤثر علي كثير من الدول، ونحن منها، إيجاباً أو سلباً، ولهذا السبب، دعا بعض المعلقين أثناء الانتخابات الأمريكية سنة 2008 إلي أن يكون التصويت علي رئيس الولايات المتحدة، ليس داخلها فقط، وليس حقاً للمواطن الأمريكي وحده، بل يجب أن يكون حقاً للمواطنين في كل الدنيا!!

أياً كانت الأمور فإننا بإزاء معركة انتخابية مهمة وتحمل الكثير من المؤثرات داخل الولايات المتحدة وخارجها، لذا، يجب أن نتابعها بالاهتمام والبحث اللائق.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف