علاء عريبى
رؤى .. هل ستدير الفضائيات البرلمان؟
قبل أيام، كتبت هنا مقالا بعنوان من الذى يدير البرلمان، تساءلت فيه قائلا: من الذى يدير البرلمان؟، هل يتلقى تعليمات من الخارج أم من الداخل؟، ما هى الجهة التى تراقب وتتخذ القرار؟، وهل التعليمات تصل لرئيس البرلمان فقط أم لبعض الأعضاء المؤثرين؟.
وحاولت خلال المقال أن أجيب عن هذه الأسئلة، وللأسف لم أتوصل لنتيجة، اليوم وبعد واقعة إسقاط عضوية النائب توفيق عكاشة، نعود ونسأل نفس الأسئلة، لكن فى هذه المرة بشكل محدد أو على وجه التخصيص:
هل الفضائيات هى التى تدير البرلمان؟، هل برامج التوك شو هى صاحبة القرار؟، هل نواب البرلمان يتأثرون لهذه الدرجة ببرامج التوك شو؟، هل هذه البرامج هى مصدر معلوماتهم الوحيد؟، هل قمنا بانتخاب بعض الشخصيات التى تبرمجها البرامج؟، وهل سيحسم البرلمان مواقفه بناء على الحملات الإعلامية؟.
قرار إسقاط عضوية النائب توفيق عكاشة من البرلمان مر كالسهم، فجأة التقى عكاشة بسفير دولة معتمدة، وفجأة شنت بعض الفضائيات حملة على النائب، واتهم بالخيانة والعمالة، وتم خلال الحملة تحريض أعضاء البرلمان على إسقاط عضوية النائب، ليس هذا فحسب نزلت الفضائيات إلى دائرة النائب وحرضت أبناء الدائرة على الثورة ضد مرشحهم، ودفع بعضهم لسبه والمطالبة بفصله من البرلمان.
المدهش أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل المفاجأة أن يقوم أحد النواب المشاركين فى الحملة بجمع توقيع الأعضاء على مذكرة تطالب بإسقاط عضوية النائب، لماذا؟، لأنه خائن واقترف جريمة التطبيع مع الكيان الصهيوني.
ظننت لحظة أن هذه الحملة سوف تهدأ بمرور الوقت، وأن رئيس البرلمان سوف يحيل الواقعة أو المذكرة للتحقيق، ويتم خلال التحقيقات استجواب النائب، بعدها يوجه له لوم أو إنذار أو يتم وقفه لجلسة أو جلستين، لكن المفاجأة الكبرى كانت فى رئيس البرلمان الذى فوجئنا به مساء نفس اليوم الذى جمع فيه التوقيعات، بإحالة المذكرة للاستفتاء عليها فى جلسة البرلمان العامة، وفى لحظة قررت الأغلبية التى تم شحنها من برامج التوك شو فصل النائب.
بعون الله وبحمده تم فصل النائب فى يومين، وقد استغل أصحاب هذه الحملة غياب الرئيس فى اليابان، وشنوا حملتهم ونفذوا مخططهم، وظهر لنا بشكل واضح الوضع فى مصر، وهو للأسف هش ومخجل وخطير، الفضائيات هى التى تدير المشهد السياسي.
خطورة هذا الوضع تتمثل فى أصحاب الأجندات، حيث يمكن لصاحب فضائية أو مقدم برنامج أن يتخذ القرار الذى يريده من وزارة أو برلمان أو اى جهة كانت، فقط يبدأ حملة فى برنامجه بالتنسيق مع بعض مقدمى البرامج أو أحد الأعضاء بالبرلمان، وبعون الله فى ظرف يوم أو يومين من بدء الحملة، يصدر القرار الذى يريده أو يريده مالك القناة أو أحد رجال الأعمال.
حملة إسقاط عضوية النائب توفيق عكاشة لا يجب أن تمر بهذه السهولة، ويجب ان تتصدى الرئاسة والحكومة لهذه الجريمة قبل أن تتحول لظاهرة وتقسم البلاد لصالح ملاك ومقدمى بعض الفضائيات.