المساء
أحمد عمر
أصل الكلام- عصير البرسيم
الأخبار تشابهت علينا.. اختلطت المصادر وغاب التمييز بين المواقع الإخبارية المحترمة والثرثرة و"الهري" علي "السوشيال ميديا" يقطر بعضها سما وتخفي أغراضها لا تبدو بريئة.. تعمل بنظرية "جوبلز" وزير دعاية النازي "اكذب حتي يصدقك الناس" مبدأ جوبلز انتقل من السياسة إلي الإعلان وصار مأثورا شعبيا يقول "الزن علي الودان أمضي من السحر" فالمعلن يعمد إلي تكرار رسالته الإعلانية حتي ترسخ في الأذهان كأنها حقيقة واقعة.. وقال خبير إعلامي "اعطني قناة تليفزيونية وسأجعل الناس يأكلون البرسيم" فكرة اقناع الإنسان بتناول طعام الحمير والدواب كانت تبدو ساخرة أيام التلمذة في سبعينيات القرن الماضي ومبالغة للتأكيد علي تأثير الإعلام علي عقول المستهلكين.. قبل أيام صادفت صحيفة تروج للفوائد الصحية لعصير البرسيم..!
مبدأ جوبلز عاد من جديد إلي السياسة واتسع نطاق استخدامه من خلال مواقع التواصل الاجتماعي بترديد الأكاذيب دون كلل ولا ملل.. وتبعها صحف وفضائيات وشخصيات تتلقف الأكاذيب لتبني عليها نظريات وتحليلات يتحدثون عنها بالعين والحاجب وهز الأكتاف للتأثير علي المشاهدين تحقيقا لأجندات سياسية أو لأغراض إعلانية وزيادة "الترافيك" أو جذب أكبر عدد من المتصفحين للمواقع الالكترونية وما يتبعه من تدفق لأموال المعلنين إلي جيوب الموقع وأصحابه.. أنها تجارة أخري في الحرام.. لكن حينما تواصل "نهش" سياسات الدولة وشخوص قادتها تصير أكثر خطورة من البورنو والمخدرات.. لأنها تحرض علي اسقاط الدولة.. سواء ببث الكراهية والتحريض علي العنف أو بإشاعة السلبية في أوساط شباب المتلقين.. وبإدعاءات الوطنية "بزيادة شوية" كدأب المفسدين في التخفي وراء دعاوي الإصلاح.. تترصد حملات "التسخيف" للقادة لا أقصد اخضاعهم للمحاسبة المشروعة ولا النقد السياسي إنما ذلك النوع من السخرية السلبية الذي لا يبني علي أسباب موضوعية بقصد تلويث السمعة وتفتيت الثقة التي لا غني عنها بين مواطن وقائد حتي يمضي الركب.. وفي عصر الاستبداد المجد لكلمة الحق في وجه سلطان جائر.. أما في زمن الحرية فإن الشجاعة الحقيقية في الموضوعية بينما يرقص علي المسرح الف عنتر.. ولا يبدو من حل هذه المعضلة المستحدثة التي فرضتها علينا تطورات العصر إلا بالوعي والمزيد من الوعي.. فقد صار الجمهور المتلقي شريكا في الرسالة الإعلامية.
** أسلك طريق الحق ولا يشغلنك المنتقدين.. نعم يرهقنا طول السفر لكن لا محل للقلق طالما كنا مطمئنين لسلامة الاتجاه وكفاءة الربان.. بهذا المضمون حدثنا المتصوف "الفضيل بن عياض" قبل نحو 1200 عام ومازال المبدأ حيا كالعدل والحق والخير والجمال والقيم العليا التي ينبغي أن تحكم مجتمعنا وتنظم سلوكنا.. يقول الفضيل لو أن لي دعوة مستجابة ما جعلتها لنفسي إنما في السلطان فبصلاحه تنصلح الأمة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف