السيد العزاوى
الكلم الطيب -الإبداع في القرآن الكريم ضوابط لخير الإنسانية
من يتأمل آيات القرآن الكريم يجد الكثير من القيم والضوابط التي تتولي حماية المجتمعات من الشطط والغلو.. وتحمل الخير لكل بني الإنسان كما أنها في ذات الوقت ترسم الطريق لكل من أراد ان يتحدث أو يتناول وقائع الحياة اليومية للمجتمع أو شأنا من الشئون الاجتماعية وهو ما يطلق عليه "الإبداع" بحيث تكون لهذا المبدع حرية تناول أي أمر من أمور المجتمع وقضاياه أو يتولي بحث أي من المسائل الاجتماعية أو غيرها وذلك ليس بمعني أنه لا قيود علي هذا المبدع وأن له مطلق الحرية في التناول بأي صيغة يراها ولا شأن له في هذه الحالة من الالتزام بالضوابط والقيم والحدود وبالتالي يطلق له العنان كي يتحدث كما يحلو وبلا أي قيود تحت ستار الإبداع وعدم فرض قيود علي أي مبدع.
مع شديد الأسف رأينا وسمعنا من شخصيات متعددة وقامات كبيرة من الأديان وغيرهم ممن يطلق عليهم لفظ الإبداع بأقوال تؤكد أنه لا قيود علي المبدع بل وثاروا ضد الوقوف في طريقهم أو احالة البعض للمحاكم نتيجة عدم الالتزام بقيم المجتمع وآدابه. وكم سمعنا ورأينا أصحاب البرامج في الفضائيات يبثون أقوالا ويقفون إلي جانب كل من يزعم أنه مبدع أو باحث دون تحقيق أو فحص لانتاجه وإجراء تقييم له بواسطة كبار الأدباء وأهل الرأي والفكر. عشوائية في الأقوال وتسفيه لكل من وقف ضد هذا النوع من الإبداع الذي افتقد كل ضوابط وشروط الإبداع والبحث العلمي المنضبط. إنها بحق حالة من التخبط والانفلات التي تساهم في نشر الغث من الأفكار والتناول العبثي بعرض الموضوعات التي تتناول وصف بعض الوقائع والسمات كما في مسائل الجنس ووصف بلا ضوابط لهذه الأعضاء التناسيلة بصورة لا تستهدف في نشر قيمة وإنما تعرية وكشف لتفاصيل تدمي القلوب وتصيب النفس بالاكتئاب. وناهيك عمن يتطاول علي القدماء من الباحثين وبإهدار لكل الضوابط التي تحقق الخير للبشرية. وإنما تترك الأمر لهذا الهراء كي ينطلق وينتشر ليدمر القيم ويفسد بالتالي الشباب.
حقيقة إنها لمأساة في مجتمع يدرك قيمة المعاني السامية والقيم التي جاء بها القرآن الكريم خاصة عندما نراه يتحدث عن العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة نجد كلمات وإبداع يرتقي بلغة الحديث في مثل هذه القضايا وعبارات في منتهي العفة والطهر والعفاف والنقاء والإبداع الراقي المتحضر في ذات الوقت اقرأ وتأمل قول الله تعالي في سورة البقرة: "أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلي نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن" تأمل هذه العبارة جيدا.. ولكل من أراد أن يطلق العنان للمبدع أن يدرك مدي أهمية هذا التعبير الراقي والمتحضر بعيدا عن الإسفاف والأوصاف غير اللائقة. فهل يريد هؤلاء أن تغزونا أفكار الغرب الوافدة فهي تنشر كل ذلك بلا أي قيود ومن يتابع الفضائيات في عصر السماوات المفتوحة يجد كل شيء مباحاً. الجنس وكل ما يثار حول العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة تطرح بلا قيود. وذلك دون مراعاة ما يترتب علي ذلك من افساد للشباب من الجنسين وهدم لكل القيم التي تربي هؤلاء الأبناء علي الفضائل والتحلي بالآداب والقيم التي تنشر المبادئ لصالح المجتمع والمساهمة في الابتعاد عن الاسفاف وذلك الإبداع بلا قيود. ويكفي تلك الأفلام والروايات التي تفيض بعبارات تثير الشهوات وتدفع الشباب إلي ساحات هذه الفوضي كما نري في أوروبا فالفتي والفتاة عند الوصول إلي سن معينة فلا شأن للوالدين بهما الحرية مطلقة لكليهما بلا ضوابط.
المثير أن هؤلاء يتجاهلون آيات القرآن الكريم التي تشير إلي ضرورة الالتزام بالضوابط وتوضح بلا أي رتوش لنوازع البشر وطموحه في تجاوز وتحطيم تلك القيود ولعل في آيات سورة الشعراء ما يكفي لكل مبدع يريد انتاجا يستهدف سعادة البشرية واضافة البهجة والسرور علي كل من يقرأ أو يشاهد هذا الإبداع. ليتنا جميعا وكذلك من يشجع المبدعين بلا أي ضوابط نتأمل قول الله تعالي: "هل انبئكم علي من تنزل الشياطين. تنزل علي كل أفاك أثيم. يلقون السمع وأكثرهم كاذبون. والشعراء يتبعهم العاوون. ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون" ثم يستثني القرآن من هؤلاء طائفة التزمت بالقيم والآداب حيث يوضح القرآن عن ذلك بلا أي لبس أو غموض "إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعدما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون" ذلك هو الطريق الواضح لبناء الأمم والمجتمعات علي أساس من الطهر والعفاف يا سادة إن الإبداع بلا ضوابط دمار وتفسخ لكل المجتمعات وليتنا ندرك أن حساب رب العالمين شديد لكل من يتجاوز وعند ذلك سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. هدانا الله جميعا سواء السبيل!!