الأهرام
مرسى عطا الله
كل يوم .. سوريا.. ولعبة الكبار!
لا أريد أن أذهب بعيدا باتجاه ما قال به البعض بأن التوافق الأمريكى الروسى بشأن الأزمة السورية يشبه إلى حد كبير الاتفاق الودى بين فرنسا وانجلترا مطلع القرن العشرين والذى اصطلح على تسميته باتفاق «سايكس بيكو» ولكننى أكاد أن أجزم بأن هذا التوافق يمثل تأكيدا لحقيقة وصحة دخول العالم إلى مرحلة «الحروب بالوكالة» فى إطار لعبة الأمم والتى هى فى حقيقتها «لعبة الكبار»!

ويخطيء من يظن أن الاتفاق الأمريكى الروسى لوقف إطلاق النار فى سوريا هدفه فقط وقف نزيف الدماء كمدخل لبناء مناخ جديد يسمح بالذهاب نحو تسوية سياسية تلبى مطلب واشنطن فى ضمان تمثيل المعارضة السورية فى الحكومة المستقبلية وتلبى رغبة موسكو فى عدم الإطاحة بنظام بشار الأسد وإنما الهدف هو تقليم أظافر الحلفاء الإقليميين على الجانبين حتى يمكن لواشنطن وموسكو إنجاز هدفين مشتركين لهما.. أولهما إبادة تنظيم داعش إبادة كاملة وثانيهما إنضاج تسوية على نار هادئة حول مستقبل سوريا دون أن تعنى هذه التسوية انتصارا أو هزيمة لأى من القوتين العظميين.

نحن إذن إزاء عملية مقايضة سياسية وفى قانون المقايضة يفترض أن تتعادل الخسائر مع المكاسب التى يحققها كل طرف من وراء هذه المقايضة ومن ثم ربما يطول زمن التسوية بسبب حرص كلا من واشنطن وموسكو على تقليل الخسائر وتعظيم المكاسب بالنسبة لهما فى المقام الأول.

وقد يسأل أحد ما الجدوى إذن من قرار مجلس الأمن رقم 2254 وما سبقه من مفاوضات جنيف 1 وجنيف 2 وجنيف 3.. وجوابى هو: إن روسيا وأمريكا يريدان الإيحاء بأن المسألة فى يد المتنازعيين السوريين وتحت رعاية واهتمام مجلس الأمن ومن ثم فإن تدخلهما الحاسم مؤجل لحين إقرار كافة الأطراف بالعجز عن تقرير مستقبل الشأن السوري... وتلك هى أحد أوجه لعبة الأمم منذ قديم الأزل ولكن الأساليب تتغير من جيل إلى جيل بدليل الطرح الأخير لدولة فيدرالية بديلا عن التقسيم.. ومن حسن الحظ أن مصر تقرأ الموقف جيدا وتبنى مواقفها من الأزمة السورية!

خير الكلام:

<< أيا دهر إن كنت عاديتنا...فها قد صنعت بنا ما كفانا !
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف