الوفد
عباس الطرابيلى
هموم مصرية .. وأين شقق الغلابة؟
يبدو أن وزارة الإسكان تنافس القطاع الخاص فى تقديم مساكن لا يستطيع الحصول عليها إلا الأغنياء.. وما لهذا انشأت الدولة وزارة الإسكان. إذ كان دورها الأساسى أن تقدم شققًا للبسطاء ورحم الله دكتور عزت سلامة ومساكنه الشعبية فى كل مكان.
ذلك أن الدولة عندما وجدت القطاع الخاص يبنى العمارات الفاخرة: مساحة وتشطيبًا، تدخلت حتى «تعدل» الميزان، ولهذا أخذت على أكتافها مهمة توفير الشقق الاقتصادية.. الشعبية، وكانت لها الأغلبية، وكلها كانت بالايجار.. و«بعض» المساكن المتوسطة.. وأغلبها كان أيضا بالايجار.. وأقلها كان بالتمليك بمقدمات هزيلة.. وأقساط شهرية فى متناول يد كل.. محتاج.
<< ولكن - فى السنوات الأخيرة - وجدنا الوزارة تتخلى عن دورها الاجتماعى فى توفير مساكن يستطيع الحصول عليها البسطاء.. وتأخذ فى منافسة القطاع الخاص.. وآخر ما صدمنى - منذ أيام - إعلان الوزارة على لسان وزيرها - وله جهد يذكر - من أن الوزارة سوف تطرح شققًا مساحة الواحدة منها 90 مترًًا.. بسعر 135 ألف جنيه.. يا سلام.. طيب، والنبى: كيف يستطيع شاب يريد بناء أسرة وهو حديث التخرج، أو حتى حرفى عمره حول الثلاثين عامًا.. كيف يستطيع هذا الشاب، أو ذاك، أن يدبر مقدم الشقة وهو هائل.. ثم كيف يمكنه سداد أقساطها.. وهى مرهقة للغاية.. وحتى شقق التمليك الحكومية - زمان - كان مقدمها - بين 5٪ و10٪ والأقساط فى متناول يده.. وكانت مدة التقسيط حوالى 20 عامًا.. فكم يا ترى مقدم شقق الوزارة وهى تسمى الإسكان الاجتماعى.. وكم هو قسطها الشهرى.. وعلى كم من السنين.. وقلت.. يمكن الوزير أخطأ.. وأن الثمن أضيف عليه «صفر» ليصل سعر الشقة إلى 135 «ألف» جنيه وليس 135 ألف قرش!!
<< واللافت للنظر أن القطاع الخاص - فى نفس الوقت بالضبط.. طرح شققًا مساحة الواحدة 88 مترًا.. بسعر 219 ألف جنيه.. ليه: طوبة ذهب.. وطوبة فضة؟! أى ببساطة أن القطاعين الحكومى «الاجتماعى» والخاص الاستثمارى.. يتنافسان فى تقديم مساكن للقادرين، دون غيرهم.
وإذا كانت هذه هى الأسعار شقق حول التسعين مترًا.. فماذا عن شقق أكبر مساحة.. وأفضل تشطيبًا.. ولكن لنترك القطاع الخاص بمشروعاته التى تستهدف الربح.. لنسأل: ماذا عن الإسكان الاجتماعى الذى تقدمه الدولة.. وهل تناست الدولة «واجبها الاجتماعى» فى هذا المجال!
<< وعندى حل: بما أن معظم المساكن الحكومية تقيمها الآن الدولة خارج المدن، أى خارج مناطق أرضها غالية.. وبما أن معظمها يقام الآن بمناطق صحراوية، على حواف المدن القديمة.. أو تقيمها فى المدن الجديدة.. فلماذا نضيف ثمن الأرض على تكاليف إنشاء هذه الشقق.. يا سيدى: لتكن هذه الأراضى بنظام حق الانتفاع يعنى بدون اضافة ثمنها.. أو يمكن أن نضيف تكاليف نصف توصيل المرافق إلى المناطق، وليس كلها.. أما أن نحمل ثمن الأرض - وهو باهظ للغاية - ثم كل تكاليف توصيل المرافق إليها فهذا هو الذى يجعل ثمن الشقق.. بعيدًا عن متناول يد البسطاء.
ويا سيدى.. بلاش تحصل الدولة - الآن - على ثمن هذه الأرض.. أو على كل تكاليف «الترفيق» ويمكن أن نضيف على الشقة حصة بسيطة من تكاليف المرافق.. لا تزيد على الربع مما تتحمله الدولة. ونعتبر ثمن الأرض.. وباقى تكاليف المرافق دينًا مؤجلاً على المستأجرين.
<< وهذه وتلك تخفض ثمن الشقة كثيرًا.. مع زيادة مدة سنوات التقسيط.. وتقليل سعر الفائدة على الثمن أى بهذه الطريقة لا يزيد سعر الشقة - هنا - على 50 ألف جنيه وليس 135 ألف جنيه.. هل هذا ممكن.. وماذا يقول وزير الإسكان - بكل محاولاته لعبور هذا الخندق الصعب.
وكم أتمنى أن يصل لى من الوزير ما يريحنى ويريح الغلابة وأنا من قدامى خبراء الإسكان ومنذ الستينيات.. إيه رأى معالى الوزير!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف