داليا جمال
أما قبل -حلال علي زويل..حرام علي عكاشه !
في أحد روائع أفلام السينما المصريه ( جعلوني مجرما ) جسد الفنان القدير فريد شوقي كيف يمكن لظلم المجتمع وقسوة أحكامه أن تتحول إلي آلة عقاب جباره تحول إنسان أخطأ مرة واحده إلي إنسان ناقم و كافر بالمجتمع وبرحمته ،علي استعداد لارتكاب أشد الجرائم قسوة وفحشا.. ضد المجتمع الذي لم يرحم فلم يرحم بضم الياء.
وأذكر أنه عقب عرض هذا الفيلم صدر قانون ينص علي عدم تسجيل السابقه الاولي في الصحيفة الجنائيه حتي يتمكن المخطئ من بدء حياة جديده ..
.تذكرت هذا الفيلم عقب حالة الهجوم المجتمعي الشديد علي النائب البرلماني «توفيق عكاشه « الذي سلخوه وجلدوه وعلقوه كالذبيحه في كل الفضائيات ووسائل الإعلام..وانتهي الأمر بإسقاط عضويته بالبرلمان والمطالبه بإغلاق قناته التي اغلقت بالفعل!! وبلغ الأمر للمطالبه بسجنه و بإسقاط الجنسيه المصريه عنه!! بل وإعدامه ! !
وإن كنت أتعجب من لقاء توفيق عكاشه بالسفير الإسرائيلي ولا أؤيده أوأجد له مبررا.. إلا أنني أتعجب من حجم ازدواجية المعايير لدينا، ﻷن أحدا لم يحاكم أو يؤاخذ الدكتور أحمد زويل الذي ذهب إلي إسرائيل لتسلم جائزة «وولف « للعلماء ،والذي ذهب لتكريمه في الكنيست ليكون بذلك الرجل الثاني بعد الرئيس السادات الذي ينال هذا الشرف وفقا لقوله معلنا في جريدة السفير اللبنانيه أنه ذهب إلي اسرائيل بعد أن سأل نفسه ولماذا لا أذهب إلي هناك وهي بلد بيننا وبينه اتفاقية سلام !!
كما أن الدنيا لم تقم ولم تقعد عندما ذهب السفير الإسرائيلي ومعاونوه لمقابلة د.فتحي سرور رئيس مجلس الشعب الأسبق في مكتبه بالبرلمان لمناقشة سبل الإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط!!
ولكن الأمور قد اتسعت هذه المره !!وجاءت ردود الأفعال عنيفه وطاغيه، وتناسي الأشاوس أصحاب الاقتراح بسحب العضويه وإذلال عكاشه أن لائحة المجلس الموقر لا تنص علي سحب العضويه من أي عضو للقائه بسفير دوله بيننا وبينها معاهدة سلام !!
وليس دفاعا عن توفيق عكاشه وتصرفاته ولكن علينا الاعتراف أن عكاشه قد التقي بسفير اسرائيل علنا وأمام الجميع ،في الوقت الذي يتسابق فيه رجال أعمال للعمل مع الاسرائليين وعقد الصفقات معهم ولكن في الخفاء !! بل إن الدوله نفسها عقدت اتفاقات تجاريه ومعاملات ماديه مع إسرائيل ولعل موضوع الغاز واتفاقية الكويز ليسا ببعيد .
ومرة أخري وليس دفاعا عن توفيق عكاشه لكنني أخشي أن نقدم أحد أبناء هذا الوطن لقمه سائغه لاعدائنا .، بعد أن جرنا عليه جميعا.. فتوفيق ليس نبيا في أرضنا وإنما هو بشر اخطأ ، ولم يجد من يرحمه .
لذا فعلينا جميعا أن نتجاوز الأمر ولا نعطيه أكبر من حجمه ، وأن يكون العقاب علي قدر الخطأ فقط دون مبالغه .. وإن كان الهدف هو جس النبض عن إمكانيه التطبيع مع اسرائيل . فأعتقد أن الرد البليغ والقاطع قد وصل وبقوة.. «الجزمة»!