الجمهورية
احمد المنزلاوى
الحذاء الرسمي
عرفها الإنسان منذ فجر الزمان لحماية الأقدام وصيانة الأبدان. شغلت الأفكار في السنوات الأخيرة بأحداثها وأخبارها وآخرها ما وقع أواخر الشهر الماضي "فبراير 2016" تحت قبة البرلمان. كلمة "الجزمة" تركية معناها الحذاء الرسمي في العصر العثماني وكان لكل وظيفة أو طائفة زي خاص: الرداء وغطاء الرأس والحذاء والحذاء هو الاسم الحديث لها في اللغة العربية وحذاء الشيء: ما يقابله أو يوازيه وتتعدد أحذية الرجال والنساء والأطفال وأشكالها وألوانها منها ما يغطي القدم ومنها ما يرتفع إلي الركبة. وكان العرب يطلقون علي أغطية القدم الخف والنعل: الأول يغطي القدم والأخري لا يغطيها بأكملها وفي الذكر الحكيم: "إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوي" "طه 12". وفي بعض الدول العربية يطلقون علي الحذاء اسم "كندرة" وهي تركية أيضاً. ذهب مدرس مصري معار إلي ليبيا للبحث عن رباط حذاء أسود وعاد مندهشاً يقول لزملائه القدامي. هذه المحلات التي تبيع كل شيء ليس بها "رباط جزمة أسود" قال له زميله: اذهب للبائع واطلب "خيط كندرة أكحل". ذهب لأقرب محل وقال له البائع تفضل يا شيخ يعني يا أستاذ.
والصندل حذاء رخيص عبارة عن مجموعة شرائط جلدية تناسب حر الصيف عرفه الرومان ثم الأتراك والروس وسائر العالم.
ومن أسماء الأحذية: الصرمة والشنكل والبلغة والشبشب والقبقاب وفي الأول العربية التاسومة والتليك والمشاية والمداس والهنكار والشرشوحة والعباط والشماطة والاسكافي هو الذي يصلح الأحذية وقصة معروف الاسكافي من أشهر قصص ألف ليلة وليلة رجل طيب حكيم فقير ذاق الأمرين علي يد زوجته سليطة اللسان. قليلة الحياء. لاحقته بالشكاوي الكيدية عند القضاة حتي ترك لها البلد. حمله عفريت من الجن إلي أرض بعيدة وأصبح من كبار التجار وتزوج الأميرة وأصبح ملكا يحكم بين الرعية بالعدل والقسطاس.
ومن أشهر الأمثال العربية: "عاد بخفي حنين" وحنين بائع للأحذية. ساومه أعرابي حتي أضاع وقته ورزقه ولم يشتر شيئاً.
ضاق به ذرعا وسبقه من طريق مريب ووضع خفا أمامه والآخر بعد مسافة قريبة. وجاء الأعرابي ورأي الخف وتركه حتي وجد الآخر فترك بعده وعاد ليأتي بالأول وغافله حنين وأخذ الجمل بما حمل ولما عاد الأعرابي إلي أهله سألوه ماذا أحضر لهم فقال: عدت بخفي حنين.
ويطلق الناس وصف الماضي علي من يسير بغير حذاء فيعرض نفسه للأمراض والأخطار.
يقول بيرم التونسي:
اسأل المولي للمرة الحافية بكره من بدري تبتلي بكفيه
المرة الحانية والواد الماضي حقهم غسلة بالفنيك صافي
ومن أشهر الجنازات في التاريخ المصري جنازة "ابن القباقيبي" أي صانع القباقيب وهي الأحذية الخشبية إن صح التعبير.
خرجت الجنازة يوم 5/4/1919 من جامع أحمد بن طولون خلال ثورة .1919 أطلق الانجليز علي المصريين الرصاص لأنهم يطالبون بحقهم في الحرية والاستقلال. أصابت رصاصة الصبي الصغير بالسيدة زينب. تحولت الجنازة إلي مظاهرة حاشدة تطالب بجلاء الانجليز.
اسم الصبي محمد اسماعيل تحول إلي رمز من رموز الثورة وفي اليوم التالي أفرج الانجليز عن زعيم الأمة سعد زغلول قائد الثورة ورفاقه وفي الصورة الإذاعية "قسم وأرزاق" تأليف عبدالفتاح مصطفي وألحان محمود الشريف وإخراج محمد محمود شعبان.
يغادر مرزوق العتقي "الاسكافي" الدار والديار بسبب ظلم البعض وحقدهم ويركب السفينة وتتعرض للغرق في بحر الظلمات ويقدم للملك سلطانية زهيدة الثمن فيقدم له المال والجواهر ويعود إلي أسرته وزوجته الطيبة مجبور الخاطر.
وهذا جزاء الرضي والقناعة والصبر من رب العالمين.
يتطلع المصريون إلي الحوار الموضوعي النظيف وإلي السلوك العاقل المنضبط.
وإن غداً لناظره قريب.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف