محمد جبريل
ع البحري- الأمين الجديد للجامعة العربية
من حق نبيل العربي وهو يتهيأ لمغادرة مبني الجامعة العربية أن نثني علي دوره في الحفاظ علي بيت العرب وسط رياح وأنواء وأعاصير هددت في تواليها بقاء الجامعة فكرة وكياناً تجتمع فيه الأقطار العربية علي كلمة سواء.
كان الفشل ـ بامتياز ـ هو المصير الذي عانته جامعة عمرو موسي حين حاولت التصدي للأخطار التي هددت الوطن العربي بداية من أزمة العراق إلي الأزمات العربية العربية والأزمات العربية الإقليمية. فضلاً عن الأزمات الداخلية وهو الأمر الذي تكرر ـ للأسف ـ في عهد نبيل العربي.
لم يكن موسي ولا العربي مسئولين عن الهشاشة التي عانت من تأثيراتها بنية الجامعة العربية بل إنها مسئولية الأقطار التي اقتصرت نظرتها إلي الجامعة علي أنها مبني جميل يطل علي نيل القاهرة يلتقي فيه القادة العرب ومن يمثلهم وتدور مناقشات هادئة أو صاخبة تنتهي بالعناق وتقبيل اللحي.. ويا دار ما دخلك شر!
بلغ استخفاف الأقطار العربية بدور الجامعة حد ملاحظة أن عمرو موسي عجز عن مجرد إبداء النصيحة في تصاعد الأزمة اللبنانية. إنما هي رحلات مكوكية. نصح نائب لبناني ـ في نهايتها ـ أن يظل أمين الجامعة في القاهرة. وتدخلت ـ للأسف ـ أطراف عربية وإقليمية ودولية حاول بعضها أن يفرض أجندات خاصة توسع من شقة الخلاف ولا تقضي عليه أو تضيقه.
وفي القضية الفلسطينية حاولت القمة العربية أن تبلغ مفاوضات ما بعد أوسلو نهاية تضع حداً لمأساة تجاوزت الستين عاماً لكن الصلف الإسرائيلي واجه المحاولات العربية بالمزيد من عمليات الاستيطان والتوسع والتدمير والإفادة من الفيتو الأمريكي في تحويل قرارات الإدانة الدولية إلي كلمات لا قيمة لها.
والآن فإن ضعف الجامعة العربية يبين في موقف المتفرج الذي تتخذه أقطارها إزاء أحداث تهدد صميم وجودها. لا يكاد يفلت من تأثيراتها المدمرة جزء في الوطن العربي.
ظني أنه إلي بدايات الأحداث الحالية في العراق وليبيا واليمن وسوريا كانت الجامعة العربية تستطيع أداء دور إيجابي بمحاولة تقريب وجهات النظر بين أطراف الأزمة وتفويت فرصة التدخل علي القوي الإقليمية ثمة من يخشي تعاظم قوة إيران ومن يرفض تدخلات تركيا ومن يصر أن يكون شأن العرب بأيديهم لكن الجامعة تركت كل شيء علي حاله دون إسهام جاد لحل أية مشكلة.
لا يختلف اثنان علي أن جامعة الدول العربية كيان سياسي وليست نادياً ولا مقهي للدردشة. ورغم الجمود الذي تعانيه الجامعة العربية منذ عقود. فلعله من الصعب أن ننسي إسهامها الفعال ـ في فترات سابقة ـ في حل العديد من الخلافات بين الدول الأعضاء.
لعل اختيار الأمين الجديد للجامعة يكون بداية لتفعيل البيت العربي وتطوير أدائه فلا يقتصر علي التسمية. ولا يصبح الأمين العام مجرد موظف لدي الدول الأعضاء.