التعليم قاطرة التنمية والدعامة الأولي لأي نهضة مجتمعية وأوضاع التعليم في مصر لا تبشر بالخير حسب مؤشرات تقرير "التنافسية العالمية" الذي أوضح أن مصر تحتل مرتبة متأخرة في الترتيب ويذكر الأسباب التي أدت إلي ذلك وهي: "قلة التمويل ضعف المناهج بعدها عن سوق العمل" بالإضافة إلي تراكم سياسات خاطئة لعدة سنوات متتالية في التعليم وجودته. ويشاركه في الرأي أيضا التقرير الإقليمي حول "التقنيات الوطنية لأوضاع التعليم" المعد من قبل اليونسكو سنة 2015 بتدني جودة التعليم في الوطن العربي وخاصة مصر في كل المراحل وأوصي بضرورة تغيير التعليم المصري من تقليدي إلي حقيقي.. ولكي ننهض بالتعليم علينا أن نستفيد من تجارب الآخرين وكان أحد أهداف زيارة رئيس الدولة إلي اليابان هو الارتقاء بالمنظومة التعليمية فالتعليم في اليابان لا يقتصر علي المدارس فقط بل يتعداه للتعليم الاجتماعي والمنزلي وينطبق عليهم "مركزية التعليم" وهذا النوع له إيجابيات عدة مثل توفير المساواة في التعليم ونوعه لجميع فئات الشعب وتلقي الطلاب أساسا معرفياً موحداً. وعدد ساعات دراسية محددة ومقررات واحدة تشرف عليها وزارة التعليم بحيث يجعل جموع الشعب علي رؤية واحدة لبناء وطنهم وليس مثل مصر يتعدد فيها التعليم "تجريبي دولي عام لغات".
وأصبحت اليابان دولة كبري بعد أن كانت نامية بعد الحرب العالمية الثانية لأنهم آمنوا في البداية بالتعليم. ورغم توحيد التعليم عندهم إلا أن هناك مقاطعات تقدم مناهج دراسية تخدم تلك المقاطعات ولكن بإشراف الوزارة ودون الإخلال بالمحتوي الأصلي وعندهم التعليم يركز علي تنمية شعور روح الجماعة وفي نهاية اليوم الدراسي يقوم التلميذ بتنظيف فصله فيتعلم نظافة بلده. ويتناول وجبته في المدرسة ويتعلم كيف يخدم نفسه بطريقة مثلي عند تناول الطعام. والجب والاجتهاد عندهم أهم من الموهبة والذكاء ولذلك هو يتربي في المدرسة علي ضرورة العمل لبناء وطن من خلال الكم المعرفي الذي حصل عليه ويتضمن أيضا كيفية تلبية احتياجات الفرد من خلال المجموع وفترة الدراسة عندهم 11 شهراً في العام بالإضافة إلي عمل أنشطة تنمي قدرات الفرد ولديهم رفع روح الجماعة علي حساب الفرد بالإضافة إلي المكانة المرموقة للمعلم عندهم!! والنماذج كثيرة في بلاد عدة فمثلا "كوبا" قضت علي الأمية كلها في عام واحد و"ماليزيا" لا يتم الزواج إلا بعد شهادة تؤكد كماً معرفياً قادراً علي بناء الوطن. أما في مصر التي كان أبناؤها إلي فترة السبعينيات شهادتهم معتمدة في جامعات الخارج ولا يطلب منهم سوي اللغة الآن لا يستطيع إكمال دراسته العليا إلا بعد حصوله علي معادلة!! ورغم كل هذا إلا أن المصريين دائما لهم جينات خاصة وقادرون علي تخطي الصعاب في أحلك الظروف فعميد الأدب العربي د. طه حسين رغم الأمية والفقر الذي يعاني منه الشعب إلا أنه كان شعاره الأول "التعليم كالماء والهواء" وبدأ بالمناداة بذلك سنة 1943 أيام حكومة نجيب الهلالي وأول قرار اتخذه عندما عين وزيرا للمعارف هو مجانية التعليم وكان هدفه ليس التعليم الموجود الآن وإنما تعليم يثقف النفس ويزكي العقل ويهذب الأخلاق ويملك وسائل الرقي والتقدم بقدر معرفي ملائم للدفاع عن الهوية الوطنية من خلال التعليم فإين نحن من هذا الآن!!