الوفد
عباس الطرابيلى
هموم مصرية -الصيد.. خارج مياه مصر!
ما الذي يدفع شبابنا للتضحية بحياتهم، بالهجرة غير الشرعية؟ الجواب ماهو أكثر مرارة منه.. هكذا يقول المثل الشعبي..
وبنفس المنطق ما الذي يدفع الصيادين المصريين للسفر ـ بمراكبهم ـ للصيد في المياه الخارجية، سواء في البحر المتوسط شمالاً أمام سواحل ليبيا وتونس.. أو في البحر الأحمر شرقاً أمام سواحل السودان أو اريتريا واليمن؟.. الجواب هو عجزهم عن توفير لقمة عيشهم بالصيد في المياه المصرية..
ولا خلاف أن مافيا السمك المحلي والاستيراد وراء الحرب غير الشريفة التي يخوضها الصيادون المصريون. ويكفي أن نجد في أسواقنا أسماكاً من تونس والجزائر والمغرب.. وأسبانيا .. كما نجد أسماكاً حتي من إندونيسيا وتايلاند وفيتنام وهي بأسعار رخيصة للغاية وسمك المكرونة مثلا المستورد من اندونيسيا سعر الكيلو 13 جنيها بينما المثيل المصري يباع بسعر يصل إلي 25 أو 30 جنيهاً. وسمك البربوني المستورد من المغرب سعر الكيلو حوالى 30 و35 جنيهاً بينما البربوني المصري يصل إلي 80 جنيها. وكذلك أسعار الجمبري، والمصريون هم أكثر عشاق الجمبري في العالم طمعاً فيما فيه من.. فوسفور!!
<< والمشكلة أن كثيراً من الصيادين المصريين ـ من عزبة البرج بدمياط ـ وبرج مغيزل بكفر الشيخ. والمطرية ببحيرة المنزلة داخل محافظة الدقهلية يجدون أنفسهم يطلبون الصيد أمام سواحل دول عديدة غيرنا.. وسواء كانوا يمارسون عملهم هذا خارج المياه الاقليمية لهذه الدول أو في المياه الدولية أمامها.. فإن كثيراً منهم يتعرض للاختطاف أو لإجبارهم علي الدخول إلي المياه الاقليمية ـ كما يقول بعضهم ـ وبالذات أمام اريتريا أو ليبيا لأسباب عديدة.. ورغم أن هناك اتفاقيات تنظم عملهم في المياه اليمنية أو الليبية وغيرها.. إلا أن تكاليف رحلة العمل، وسعياً وراء عائد أكبر.. تجعل بعضهم يلجأ للصيد داخل المياه الاقليمية، أو علي حوافها.. مما يوقعهم في الخطأ.
<< وهنا يتم القبض عليهم، سواء كانوا علي صواب أم خطأ ويدخلون السجون، وتتم مصادرة المراكب ـ وثمنها الآن لا يقل عن مليون جنيه ـ وكذلك مصادرة نتيجة الصيد، من الأسماك.. وتفرض هذه الدول غرامات مالية كبيرة علي الصيادين.. للافراج عنهم، وغالباً ما تتم عملية مصادرة مراكب الصيد.. وأحياناً نجد هذه الدول تفرض إتاوات..أو تعويضات. أو حتي فدية.. مقابل الافراج عنهم.
ونعترف أن سفارات مصر ـ في هذه الدول ـ تبذل جهوداً كبيرة للإفراج عن الصيادين المحتجزين، أو المسجونين أو المخطوفين. خصوصاً تحت ضغط أهالي الصيادين ونقابتهم.. وضغطهم علي وزارة الخارجية بالقاهرة.. أو استغاثاتهم برئاسة الجمهورية..
<< والمشكلة يمكن أن تجد حلاً عندما تكون هناك دولة.. مثل السعودية والسودان وتونس.. ولكننا نجد صعوبة كبيرة عندما تغيب سلطة الدولة، كما يحدث في الصومال واليمن.. وليبيا. وهنا لا سبيل إلا دفع الفدية.. أو الغرامة.. وأحياناً تضطر الدولة المصرية إلي التدخل بوسائل عديدة من أجل الافراج عن الصيادين والتفاوض مع الخاطفين كما كان يحدث مع الصومال وما يحدث الآن مع ليبيا.. وكل ذلك لا يهم الصيادين «المخالفين» وعائلاتهم. وما يهم كل هؤلاء ـ ونحن معهم ـ هو سلامة الصيادون، مهما كان الثمن ولكن ماذا عن حوادث تقع في أعالي البحار.. ويتعرض الصيادين فيها للغرق..قبل أن تصل اليهم وسائل الانقاذ.. أو كما يقول أهاليهم إن الصيادين ـ في الحادث الأخير أمام السواحل السودانية ـ لم يغرقوا.. بل تم اختطافهم بالقوة..
<< وفي رأيي اننا كلنا مخطئون ـ في قضية الصيادين وصيدهم خارج المياه المصرية، أو حتي في المياه الاقتصادية ثم الدولية أمام السواحل المصرية.. ولكن المشكلة هي في إصرار هؤلاء الصيادين علي الصيد في المياه الاقليمية، أو الاقتصادية أمام بعض الدول الشقيقة ورغم كل التحذيرات التي تصدرها وزارة الخارجية المصرية بضرورة الالتزام بالقواعد الدولية للصيد.. حتي لا يقعوا في الخطأ..
إلا أن المشكلة كثيراً ما يكون صيادونا أنفسهم هم المسئولين فيها ويسببون بذلك كثيراً من الحرج للدولة وللسلطة المصرية..
<< ولكن يدفعهم إلي ذلك المثل القائل: ما الذي يرميك إلي .. المر!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف