محمد فوزى السيد
بعد عاصفة الجدل بين مؤيد ومعارض ومستنكر.. سيناريو عودة مطربة الألف وجه
>>اختارت الانسحاب والبحث عن السكينة والسلام الداخلى فاحترم الجميع قرارها
>>عادت فى قرارها بعد ٧٢ ساعة وكأنها تملك وحدها حرية الاختيار والجمهور لا يملك سوى الاستجابة لرغباتها
لا ينكر عاقل أو فاهم أو واع قيمة وأهمية شيرين عبد الوهاب فى الحالة الموسيقية العربية بشكل عام والمصرية بشكل خاص، لا ينكر عليها موهبتها إلا مخبول، ولا يقدر قيمتها وتفرد موهبتها إلا الأسوياء.
تلك كانت شهادة حق فى واحدة من أهم مطربات عالمنا العربى، واحدة من المتنافسات بقوة على لقب مطربة مصر الأولى .
اعتزلت شيرين وهذا قرارها، رحب من رحب واستنكر من رفض وثرثر المنظرين.. اعتزلت شيرين قائلة: «أبحث عن السكينة والطمأنينة وأعيش حالة سلام داخلى بعد قرارى »حقها ولا ينبغى لأحد مراجعتها فيه.
إذن النتيجة أن الوسط الغنائى المصرى أصبح «بلا شيرين»، كل المتنبئون والعارفون والمتابعون أجزموا على أن القرار انفعالى، وسوف تعود شيرين فى قرارها بعد هدوء الأوضاع واستقرار حالتها النفسية، أكبر المتشائمين أعطاها أسبوعين للرجوع فى كلامها، إذن فكرة عودة شيرين عن قرار الاعتزال قائمة، وهنا بالتحديد أجد نفسى مجبرًا على التوقف، ليس من حق أحد أن يحاسبها أو يراجعها فى قرار الاعتزال والبحث عن الهدوء والابتعاد عن كل مسببات الألم التى عانت منها خلال الفترة الماضية على المستويين الشخصى والفنى، لكن عذرًا ليس الأمر سواء فى قرار العودة، فإن ملكت وحدها قرار إعلان الاعتزال فليست هى وحدها مالكة لقرار العودة، الجمهور والمتابعين وحتى المنظرين الذين استقطعوا من وقتهم دقائق أو ساعات للحديث فى الأمر لهم فيه كلمة، مواقع الأخبار التى نشرت الخبر وتداعياته وراحت تنبش فى الماضى وتعيد صياغة الحاضر للوصول لأسباب إعلان الاعتزال لها فى الأمر كلمة، صفحات الجرائد والمجلات التى اهتمت بالخبر وغيرت من تبويبها وألقت بمادة صحفية أخرى لتحل بدلًا منها قصة اعتزال شيرين لها فى الأمر كلمة.. ليس من الطبيعى أن تخرج فنانة بقرار ربما كان هو الأهم فى حياتها على سبيل الدعابة أو إثارة الجدل حتى لو وقعت تحت ضغوط نفسية وعصبية أدت بها إلى اتخاذ قرار مصيرى بهذا الشكل، لا يمكن اللوم عليها إذا ما اعتزلت الجميع وابتعدت ونأت بنفسها جانبًا لحين هدوء الأوضاع أو الوصول إلى السكينة وراحة البال دون اتخاذ مواقف غير محسوبة لمجرد أنها فنانة تعودت على العيش بمنطق «أؤمر تطاع» أفعل ما يحلو لى وليس على من رقيب أو حسيب.
فى قرار الابتعاد والاعتزال أشفقت على شيرين ممن حاولوا ذبحها والتمثيل بجثة مشوارها، خرج الشتامون من جحورهم، نالوا منها ومن مواقفها السابقة كأنهم جرذان جائعة هرولت إلى قطع قمامة متناثرة، أرفض وأستنكر كل ما قيل عن أزماتها الشخصية التى أوصلتها إلى طريق مسدود اختارت بسببها الابتعاد، كما أرفض مبدأ الرقص على أنقاض فنانة مصرية أيا ما كانت مكانتها باللجوء لمجموعة تصريحات سببت لها أزمات.. أرفض كل ذلك بنفس درجة رفضى لموقف شيرين غير المحسوب وغير المهذب «فنيًا» وغير اللائق «صحفيًا» باللجوء للصحافة الإماراتية ومن بعدها اللبنانية لإعلان خبر انسحابها من المشهد، أعرف يقينًا أن شيرين «فتاة» تهوى الخروج من جلدها، فهى تفضل الكوافير والماكيير ومصمم الأزياء اللبنانى، دائمًا ما تحرص على اصطحابهم معها فى ترحالها حول العالم العربى لثقتها الشديدة أن ما يفعلونه يعجز الآخرين عن تقديمه لها، تحب دائمًا الحديث باللهجة اللبنانية طوال فترة وجودها فى بيروت أو أثناء استضافتها فى برامج بيروتية الصنع، وليس الحديث باللهجة اللبنانية أمر مرفوض بالتأكيد فهى فى النهاية لهجة عربية ومؤثرة فى العالم العربى كله، لكن المشهد بشكل عام فى حياة شيرين يوحى بأنها أحيانًا تفضل الخروج من مصريتها ولو بالشكل والأداء والأسلوب «وإن غنت لبلدها بصدق المشاعر ولا أنكر عليها وطنيتها».وأهم من صدق أن شيرين لجأت لأقرب أصدقائها فى مهنة الصحافة لإخبارهم بقرار اعتزالها «صحفى إماراتى وأخرى لبنانية» فشيرين لمن لا يعرف على علاقة صداقة قوية وطيبة بالعديد من الأسماء الصحفية المحترمة والمهمة فى مصر وكان الأولى بها أن تخرج قراراتها المصيرية من صحافة بلدها، ظهر بوضوح فى المكالمات التليفونية التى بثت على الإنترنت أنها قامت بالترتيب والتحضير الجيد لتلك المكالمات وما يقال فيها، فقالت فى المحادثتين: آسفة لو كلمتك متأخر لكن أنت عارف أنا بأمنك وعايزة أقولك قرار مهم إنى اعتزلت الفن نهائيًا بلا رجعة «قالتها شيرين وهى فى كامل قواها العقلية وتعى جيدًا لمن تتحدث وماذا تقول، وفى الأمر من وجهة نظرى تقليل كبير لشأن الصحافة المصرية التى أوحت شيرين إلى أنها لا تثق فيها لإطلاعها على أهم خبر فى حياتها الفنية، خرجت تصريحاتها المقتضبة مع سبق الإصرار والترصد لأشخاص بعينهم تعرف أنهم قادرين على خلق حالة من التوتر فى ساحة الغناء العربية لكثرة الناقلين منهم، هى أرادت أن تخلق من قرار اعتزالها حدثًا عربيًا، وليس مصريًا فقط وهذا ما جعلنى أتأكد أن الأمر خرج مع سبق الإصرار منها.
عادت شيرين فى قرار اعتزالها وهى تؤكد ان حب جمهورها وضغط زملائها كان سبباً فى اثناءها عن قرارها لكن عذرًا من جديد
فإن التزمنا الصمت أمام قرار الاعتزال ولم تلق منا شيرين سوى كامل الاحترام لقرار شخصى أرادت الوصول به إلى راحة البال، فليس هو نفس الموقف بعد «رجوعها فى كلامها » لأن الأمر تحول إلى قرار عبثى غير مسئول أثار عاصفة وهمية من الجدل، لأن كلمة فنانة فى حجم شيرين عبد الوهاب بالتأكيد ترتقى لأكبر من مستوى «ك ام عيال فى الشارع ..»ومن جديد وعلى مستوى شخصى بحت لم أكن من مؤيدى قرار اعتزال شيرين ولا زلت أراها واحدة من أهم الأصوات النسائية فى العالم العربى، وانسحابها من المشهد العام لم يكن فى صالح الغناء المصرى الذى طالما تفاخر بوجودها، فهى لم تكن يومًا مجرد رقم بين المطربات وإنما وقفت واجتهدت وصارعت وربما حاربت لكتابة اسمها بقوة فى كتاب تاريخ الموسيقى المصرية.
لكن لأن لكل مقام مقال لزم التنوية عن أن سيناريو العودة للجمهور والمهتمين بالشأن الموسيقى كلمة مؤثرة فى كتابة سطوره.