أحمد الصاوى
شارابوفا.. الحسناء التى لا تعرف الكثير عن مصر
أكان لابد أن تفعلها "شارابوفا"؟!
لا أقصد تعاطيها للمنشطات، لكننى كمصرى يقرأ صباحًا الصحف المصرية، ويشاهد مساءً برامجها الأكثر تأثيرًا ومتابعة، أستغرب من استسلامها السريع وإقدامها بنفسها ودون ضغط أو اضطرار مُلح، على الاعتراف بتعاطى المنشطات هكذا ببساطة، والغرابة أن تقول دون أى "مقاوحة" :"أنا أخطأت".
أسطورة التنس والجمال معًا، أغنى رياضية فى العالم "تربحت من التنس فقط نحو 26 مليون جنيه إسترلينى"، الحاضرة فى الملاعب الرياضية كمصنفة أولى بين لاعبات التنس، وجامعة لـ35 لقبًا منها 5 للبطولات الأربع الكبرى، وواحدة من أصغر الحاصلات على لقب "ويمبيلدون" الشهير، والحاضرة فى قوائم الثراء التى تملك مكانها ومكانتها فى قوائم مجلة "فوربس" المختصة بالثروات وأصحابها، والحاضرة فى مجال العلامات التجارية باسم، هو فى حد ذاته علامة تجارية تعبر عن منتجات أطلقتها وتحقق لها العائد المذهل، والحاضرة فى مساحات الجمال بحُسن لا يُقاوم، وقوام نموذجى، وطلة أخَّاذة، وعيون رائقة، وابتسامة واثقة، وانطلاق فائر، ونضج فاتن، وصورة مكتملة.
كل هذا يكفى ويزيد، ليجعل التربص بها مبررًا والمؤامرة التى تستهدفها مقنعة، غير تفاصيل حكايتها مع الدواء المنشط "الميلدونيام"، الزاخرة بالثغرات إن فكرت وقررت الهرب من المسؤولية، والتشبث بصورتها كبطلة.
لا تعرف "شارابوفا" على الأرجح إعلاميين مصريين، ولا تعرف أشخاصًا ومؤسسات من أولئك المكلفين بإدارة الإعلام والإعلاميين فى مصر، ولا تعرف المتحدثين الرسميين للمؤسسات المصرية، والحق أن ذلك من سوء حظها وحسن حظ الحقيقة، لأنها لو كانت تتابع الإعلام المصرى لربما تغير قرارها أو تشبثت بأفكار أخرى غير مؤتمر صحفى عالمى تقول فيه للعالم "أنا أخطأت.. وأقر بالحقيقة.. وأعترف أنني أتعاطى هذا الدواء منذ 10 سنوات.. خذلت نفسى وجمهورى ولعبتى التى أحبها".
يكفى أن تتابع بعض إرهاصات الحملة ضدها التى تطالب بتجريدها من ألقابها، لأن السنوات العشر التى تعاطت خلالها هذا الدواء، هى ذروة تألقها وحصدها للألقاب، وهى تقريبًا ثلاثة أرباع عمرها فى الملاعب كلاعبة محترفة، لتتشبث بنظرية المؤامرة، تخيل إذن أن "شارابوفا" سلمت الملف برمته لإعلامى مصرى ليدافع عنها، هنا أنت أمام نظرية مؤامرة واضحة تمامًا، منافسو شارابوفا ينتقمون منها لإبعادها عن الساحة بفضيحة تنهى مسيرتها وتلوث تاريخها، أمريكا لن تسمح ببطلة روسية نابهة وسط الصراع السياسى الدامى بين أوباما وبوتين، لا يهم أنها تعيش فى الولايات المتحدة منذ سنوات وتستثمر فيها، لأن كل تلك تفاصيل صغيرة لا تهم "إعلامى مصرى"، هذا إذن خيط للمؤامرة السياسية، المؤامرات التجارية أيضًا قائمة، ألم تلاحظ أن شركة "نايكى" سارعت وقبل أن يتخذ اتحاد التنس قراره بإلغاء تعاقدها مع اللاعبة الشهيرة التى كانت تروج لمنتجات الشركة، هل تعتقد أن هذه صدفة؟ فكر كأنك إعلامى مصرى من فضلك.
أولئك الذين استفزهم تمامًا أن تتصدر روسية بورصات الرياضة والجمال والثراء وتستحوذ على عقود العلامات التجارية الكبرى، المؤكد أنهم تآمروا عليها، امرأة ناجحة كتلك لا بد أن لها أعداء، فى بلادنا من ينجح 1% فقط من نجاحها يواجَه بحملات تشكيك وهجوم وتكسير لا تعرف من يحركها ولا من يقف وراءها.
ثم إن الأمر ـما زلت تفكر كإعلامى مصرىـ واضح كالشمس، اللاعبة تتعاطى العقار بإذن طبيب العائلة لأسباب صحية، والعقار لم يكن مدرجًا طوال هذه السنوات على قوائم العقارات المحظورة من قبل وكالة مكافحة المنشطات، جرى إدراجه فقط فى يناير الماضى.. هل هذه صدفة؟
أم أن الوكالة المهنية عرفت أن شارابوفا تتعاطى هذا الدواء، لأنها كأى امرأة "مسحوبة من لسانها" وربما حكت لصديقاتها فـ"سيَّحوا" لصديقتهم على "الفيس" وعرفت الوكالة وقررت اصطياد البطلة الروسية فى الوقت الضائع بتحديث قائمة المنشطات، ثم زرعت عميلاً "وسوس" للنجمة الكبرى ألا تفتح "لينك" تحديث القائمة الذى أرسلته الوكالة لبريدها الإلكترونى.
لماذا لا يكون للمؤامرة تاريخ أبعد من ذلك؟
قبل عشر سنوات كانت "شارابوفا" صاعدة كصاروخ لا يستطيع أحد إيقافه، فلماذا لا تكون هناك مؤامرة حدثت باجتماع للمخابرات الأمريكية والألمانية والفرنسية وحلف الناتو والمخابرات الإسرائيلية والتركية فى قاعة فولاذية بقاعدة عسكرية فى جزيرة صقلية جنوب إيطاليا، وبحضور اللاعبة الأمريكية "سيرينا ويليامز"، وجرى الاتفاق على زرع طبيب بين العائلة حتى ينصحها بتناول هذا العقار، ويورطها فى نوع من المنشطات، وحين تعتاد هذا الدواء وتدمنه، تدخل وكالة المنشطات فورًا وتدرجه فى لائحتها، لينتهى بها الأمر متهمة هكذا، وتاريخها الكبير محل شك وارتياب؟
كان أمام شارابوفا عشرات السيناريوهات للنجاة من الاعتذار أو التسويف فيه، أو تبرير بالخطأ بألف مبرر يجنبها أن تقول بوضوح إنها "أخطأت"، أبسطها اتهام المنتقدين أنهم "منفسنين" أو متآمرون أو "قابضين" من اللاعبات الأخريات، وما كان لها أن تستسلم هكذا بسهولة وخلفها "عقول إعلامية مصرية"، لكنها لحسن حظ الحقيقة والقيمة، لا تعرف الكثير عن مصر، وتدرك ببساطة أن أصعب المشكلات وأعنفها وأكثرها تأثيرًا على السمعة والاعتبار والمستقبل، يمكن حلها بكلمات بسيطة جدًّا، "أن تقول الحقيقة.. وتعتذر عن الخطأ".