الوطن
نشوى الحوفى
لمصر وللمصريين
حينما نعلم أن مرتبات العاملين فى الدولة قد تزايدت فى السنوات الخمس الأخيرة بنسبة 133% لتزيد من 89 مليار جنيه فى العام 2010 لتصبح 198 مليار جنيه فى العام 2015، فلا بد من تساؤل بديهى يتبع تلك الزيادة، مفاده: وكم نسبة الزيادة فى إنتاجية الموظف الذى حظى بزيادة فى الراتب؟ وماذا منح الدولة من مميزات مقابل تحسن راتبه؟ الإجابة، يا سادة، محبطة، حيث لا زيادة فى الإنتاجية ولا تحسن فى الأداء. والسبب منظومة متكاملة من غياب المحاسبة وتطبيق سياسة الثواب والعقاب من قبَل مؤسسات الدولة، وغياب ضمائر اعتادت المطالبة بحقوق دون التزام بواجبات من قبَل المواطن. ويبقى السؤال: متى نستعيد كليهما لنكمل طريقاً لا مفر من السير فيه؟

وحينما ترى نواب الشعب يرفضون قانون الخدمة المدنية بكامل مواده دون تفاهم حول نقاط الخلاف التى يرونها ودون حساب لتكلفة الفساد فى الدولة ودون تقدير لما يجب أن يكون عليه الجهاز الإدارى لها، فاعلم أنهم لم يفعلوا ذلك فهماً لواقع أو تقديراً لنتائج، إنما فعلوه مغازلة لأصوات شارع ينتمى له ما يقرب من 7 ملايين موظف، دون أن يضعوا فى ضمائرهم وهم يصرون على رفض القانون جملة وتفصيلاً مصلحة وطن يعانى من فساد وظيفى على كافة المستويات وترهل إدارى يعيق حركة العجلة فى كافة المناحى. ولذا أتمسك، كمواطنة، بالقانون وأصر على أن تضمن الحكومة فى تعديله شفافية وعدالة التقييم فيما يتعلق بأداء الموظف.

وحينما تسمع الجميع يتحدثون عن تجارب اليابان وكوريا الجنوبية بعد زيارة الرئيس السيسى لهما مؤخراً ويصرون على المقارنة بيننا وبينهم، فاعلم أن هاتين الدولتين لما تنهضا بين يوم وليلة ولكنهما ذاقتا مرارة الخراب العسكرى والتقسيم السياسى على مدار سنوات لتصلا إلى ما وصلتا إليه، وأن الجميع تحمل مسئوليته فى البناء وترسيخ مبادئ المواطنة وقيم الإنتاج -حكومة وشعباً- بتشريعات وقوانين لحماية الإنتاج المحلى، والتركيز على التوسع التجارى والصناعات الثقيلة وتكتل الشركات فى الصناعات الاستراتيجية مثل صناعة السفن وإنتاج الطاقة الكهربائية والفحم الحجرى والصلب، وتوسيع نطاق الاستثمار عبر إنشاء مرافق الطرق السريعة والسكك الحديد والقطارات السريعة والموانئ، وتطبيق أحدث نظم الإدارة فى المشروعات وتجويد الإنتاج فى أى عمل يقوم به اليابانى والكورى، ليصبح إتقان العمل سمة شخصية ارتبطت بتكوين الثقافة فى البلدين وانعكست على سمعتهما حول العالم. ليتحول العنصر البشرى لأهم جزئية فى رأس مال وثروات كلا البلدين.

وحينما تسمع سعد الدين إبراهيم يتحدث عن اجتماعات له بتركيا مع الإخوان للتفاهم حول مصالحة مع الشعب المصرى تقبلها الدولة المصرية، فلا تتعجب فتلك شخصية العرّاب دوماً الذى لا يمل من تكرار أدوار تجعله فى قلب الحدث وتجعل منه وسيلة مطلوبة لمن لا مبدأ لهم. وتذكّر اعترافاته على صفحات الجرائد بأنه أدار ثورة 25 يناير من واشنطن ومن على مائدة واحدة مع كل من الرئيس الأمريكى أوباما ووزيرة خارجيته وقتها هيلارى كلينتون، بينما كانت زوجته فى فندق فى التحرير تواليه بالأخبار. وتذكّر أيضاً مبادرته لتقديم السلفيين للأمريكان كبديل للإخوان لحكم مصر مع استشعار قرب انفجار المصريين من حكمهم قبل 30 يونيو باعترافه هو لا بتخمينات تصورناها. تذكّر كل هذا وتمسّك بقضية عادلة مفادها أن مصلحة الوطن تقتضى تطبيق المواطنة بما لها من حقوق وما عليها من واجبات وما يتبعها من ثواب لمن أصاب وعقاب لمن أخطأ. أما ما عدا ذلك فهو نوع من المزايدات الرخيصة وجزء من لعبة الأدوار المستدامة التى لا يمل البعض البحث عنها للبقاء أطول بالقرب ممن يمول.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف