الجمهورية
د. محمد مختار جمعة
المؤتمر الاقتصادي إرادة سياسية وقرار وطني
ذكرت في عدة مقالات سابقة أن مصر غنية برجالها ونسائها وشبابها. وعلمائها ومفكريها. وثرواتها الطبيعية. وأننا في حاجة إلي مسح علمي شامل لخريطة مصر الاستثمارية : تعدينياً وزراعياً وسياحياً. فما زالت الثروات الضخمة لم تستغل بعد. أو لم تستغل الاستغلال الأمثل علي أقل تقدير.
وفي عدة زيارات لأسوان. والوادي الجديد والبحر الأحمر وسيناء تأكد لي أن بلدنا مازال عامراً بالخيرات. ففي أسوان من المعالم السياحية ما يؤهلها لأن تكون في مقدمة المدن العالمية. لو طورنا من بنيتها التحتية. وأعدنا النظر في الإفادة القصوي من هذه المعالم وتوظيفها توظيفاً متميزاً كمعالم حضارية وثقافية. واستعنا في ذلك بمرشدين سياحيين متخصصين. ومثقفين لديهم من الحس الوطني الكافي ما يجعل المصلحة العليا للوطن فوق أي اعتبار آخر.
وفي سيناء أري أننا في حاجة الي تنمية بشرية. وتهيئة المناخ المناسب للجذب السكاني. بحيث نزرع سيناء ونعمرها بالبشر. مع تسليط الضوء علي ما بها من مقومات سياحية. بعضها علاجي وبعضها طبيعي وبعضها ثقافي. كما أنها لم تكتشف بعد تعدينياً. مع ضرورة وضع خريطة للمناطق القابلة للزراعة والاستصلاح بها.
وفي الوادي الجديد بمساحته المترامية الأطراف. وامتداده الطبيعي في الواحات البحرية بمحافظة الجيزة ما يسمح بإقامة دولة كبري. لا مجرد مجتمعات انتاجية أو عمرانية. وفي البحر الأحمر تجري دراسة هامة حول ما يعرف بالمثلث الذهبي "القصير سفاجا قفط" لاستغلال ما فيه من ثروات تعدينية تهييء لنهضة كبري في مجال التعدين مع أراض خصبة قابلة للزراعة.
ولا ينبغي أن ننسي أن مدينة الغردقة تصنف كأجمل مدينة شاطئية في العالم. إضافة إلي محور قناة السويس الذي تعمل الدولة بجدية علي تنميته تنمية شاملة. بل انك لو نقبت في الكثير من محافظات مصر. وفي الظهير الصحراوي لتأكد لك أننا لم نعط هذا البلد ما يجب أن نقوم به. فهو مؤهل لأن ينطلق بنا لتحقيق نهضة اقتصادية كبري.
وكان كل ذلك أملاً يراه البعض قابلاً للتحقيق. ويراه آخرون حلماً بعيد المنال. غير أنني كنت علي يقين كآخرين أننا نستطيع. وكان الأمر يحتاج إلي إرادة سياسية وقرار وطني مستقل. لا يراعي سوي مصلحة الوطن. دون أي تدخلات أو إملاءات شرقية أو غربية.
كنا في حاجة الي قرار وطني يستشرف آفاق المستقبل. ولديه الرؤية والإرادة والعزيمة والتصميم علي بناء الوطن. ينطلق من المصالح الوطنية. ويعمل علي إعلائها فوق أي اعتبار آخر. وكما ينطلق من مباديء ديننا الحنيف التي تقدس العمل وتدعو إلي الاتقان. حيث يقول نبينا "صلي الله عليه وسلم" : "إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا تقوم حتي يغرسها فليغرسها. ويقول "صلي الله عليه وسلم" : "من أمس كالاً من عمل يده أمس مغفورا له" ويقول صلي الله عليه وسلم : "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه أو "يحكمه"".
ولقد طالعت ما نشر في صدر الصفحة الأولي بصحيفة الجمهورية الصادرة في يوم الأربعاء 11/3/2015م تحت عنوان "المثلث الذهبي أضخم مشروع قومي لتنمية الصعيد" فتأكد لي أن مصر في ظل قياتها الوطنية الحكيمة المخلصة قد أخذت تستعيد ريادتها العربية والإسلامية والافريقية ومكانتها الدولية. وكذلك قرارها الوطني المستقل. وأن الأمل في نهضة اقتصادية تتبعها وتنبثق منها. وتتوازي معها نهضات أخري علمية وفكرية واجتماعية وثقافية قد أخذت بوادره تلوح في الأفق. غير أن ذلك كي يتم ويتحول الي واقع ملموس يحتاج إلي عزيمة وإرادة شعبية تتناسب وتلك الإرادة السياسية القوية. كما يتطلب منا جميعاً وقفة رجل واحد في وجه الإرهاب والإرهابيين والتخريب والتدمير والمخربين ويقول الشاعر :
ولو ألف بان خلفم هادمُ كفي
فكيف ببان خلفه ألفُ هادمي
ويقول الآخر :
متي يبلغ البنيان يوما تمامه
إذا كنت تبنيه وغيرك يهدمُ
وعلي كل واحد منا أن يبدأ بنفسه. وألا ينتظر غيره. فهكذا علمنا ديننا. حيث يقول نبينا "صلي الله عليه وسلم" : "لا تكونوا إمعة. تقولون إن أحسن الناس أحسنا. وإن أساءوا أسأنا. ولكن وطنوا أنفسكم. إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا أن تجتنبوا إساءتهم".
وكان أصحاب نبينا "صلي الله عليه وسلم" يقومون عند الفزع ويحجمون عند الطمع. ويقول شاعرنا العربي عنترة بن شداد :
يخبرك من شهد الوقائع أنني
أغشي الوغي وأعف عند المغنم
وأري مغانم لو أشاء حويتها
ويصدني عنها الحيا وتكرمي
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف