عباس الطرابيلى
هموم مصرية- الدولار.. أزمة خارجية أيضاً
المؤامرة علي مصر الآن داخلية.. وخارجية وسلاحها هو الدولار، كيف؟
هم يعلمون أن الشعب لن يتحمل داخلياً أي اجراءات تقشفية في الداخل لذلك يعملون علي إشعال نيران أسعار الدولار حتي كاد يقارب الجنيهات العشرة.. وهذا يعني بالتبعية زيادة الأسعار.. وكل الأسعار حتي الفجل والجرجير.. وخارجياً يستخدمون نفس الدولار لضرب الاقتصاد الوطني.
<< وهم خارجياً- يعمدون إلي شراء الدولار من العاملين المصريين بالخارج..حتي ولو دفعوا فيه أكثر من 10 جنيهات، وكله يتحمله الزبون، وقولوا لنا من يقبل تحويل مدخراته إلي مصر عن طريق البنوك بسعر 783 قرشاً بينما هناك من يغريه بسعر- فوري- هو 10 جنيهات.. ومهما كانت وطنية المصري العامل بالخليج، فإن فارق السعر يدفعه لبيعه لمندوبي تجار العملة الذين يطوفون عليهم هناك.. ويتم- وفوراً- تحويل مدخراتهم إلي أسرهم داخل مصر بالجنيه المصري.. دون أي تعقيدات بنكية أو اجراءات فيها سين وجيم.. وطول انتظار، وقد تصل مدة الانتظار في التحويل الرسمي إلي حوالي شهر كامل.. تخيلوا، بينما مندوب تاجر العملة يقوم بالتحويل.. أقصد إصدار تعليماته لمن أرسله بالتليفون المحمول.. وما علي هذا المصري الذي يكد ويكدح إلا أن يتصل وفوراً بأسرته في مصر، وبالمحمول أيضاً، ليجد كل شيء تمام، ونراعي هنا ان المصري- مهما كان مستواه الاجتماعي والثقافي- ما ذهب إلي الخارج وتحمل متاعب الغربة إلا من أجل أن يوفر لأسرته احتياجاتهم.. راعوا ذلك والنبي، وبالتالي لا مجال هنا للتغني بالوطنية، دون أن يطعن أحد في وطنيته.
<< ونلاحظ هنا ان تحويلات المصريين بالخارج هي بند أساسي في توفير الدولار لمصر، مع عائدات قناة السويس التي تتأرجح بسبب مشاكل التجارة العالمية وانخفاض أسعار البترول، وبالتالي نقله ومروره بالقناة- ومعها بالطبع عائدات السياحة الخارجية، التي تكاد تتوقف بالفعل.
وهذه المصادر الثلاثة: تحويلات المصريين وعائدات القناة وعائدات السياحة هي أهم مصادرنا في الدولار.. وبالتالي «يلعب» المتآمرون وبكل حرية لتقليل ما يصل منها إلي الخزانة المصرية.. فلا تجد الدولة ما تنفق منه علي ما تستورده من الخارج.
<< وخارجياً أيضاً فإن زيادة سعر الدولار يؤدي إلي ضرب الصادرات المصرية المتاحة.. وإذا كنا نشكو من خلل الميزان التجاري بحوالي 50 مليار دولار سنوياً.. فإن هذا الخلل سوف يزداد بشكل إضافي لأنه يعني ارتفاع أسعار استيراد مستلزمات الإنتاج المصري.. بما يرفع أسعار منتجاتها عالمياً.. وبالتالي تنخفض صادراتنا أمام سطوة المنتجات الأجنبية في الأسواق الخارجية.
وإذا كان المستهلك المصري هو الذي يدفع «داخلياً» أعباء زيادة سعر الدولار محلياً.. وتلك قاعدة معروفة.. فالمستورد لا يهمه كم يدفع ثمناً للدولار.. مادام المستهلك المصري هو الذي سيدفع.. ولذلك فإن «الدولة» المصرية تتحمل أيضاً نتائج هذه الأسعار للدولار في شكل ارتفاع سعر المنتجات التي نحلم بتصديرها.. فينخفض بالتالي حجم صادراتنا.. ليزداد عجز الميزان التجاري!
<< ولا تنكر الحكومة ان عائد صادراتنا انخفض منذ عام 2011 وكان سعر الدولار إلي حد ما يزيد 20 قرشاً فقط علي السعر الرسمي، أي كان يمكن تحمل هذه الزيادة.. فماذا ياتري- يصل حجم صادراتنا وقد أصبح الفارق بين السعر الرسمي للدولار.. والسعر الحقيقي في السوق السوداء.. حوالي جنيهين بالكامل.. ذلك- دون جدال- يضرب سعر صادراتنا للخارج، وهذا من أهم أهداف المتآمرين.
ثم إن مشاكل هذه الأسعار تجعل المستثمرين يعانون من تحويل أرباحهم لبلادهم.. لأن البنك المركزي لا يلبي كل عملياتهم هذه، وهذا يعني ان محاولات الحكومة لجذب المزيد من الاستثمارات تذهب هباء وهذا أيضاً، من أهم أهداف المتآمرين، لأن المزيد من الاستثمارات يعني دعماً لجهود البلاد نحو التنمية.
<< هل وعيتم كل أبعاد مؤامرات المتآمرين واستخدامهم الدولار سلاحاً رهيباً لهدم الدولة المصرية.. مهما كان الثمن، وهنا نقول ان المتآمرين- ومن عقود عديدة- لهم استثماراتهم وأموالهم في الخارج مثل بنوك البهاما.. وغيرها.. فضلاً عما قيل من دعم أمريكي مالي لهم من يناير 2011 ودعم قطري وكذلك تركي لتحركاتهم.
وإذا عرفنا أبعاد كل ذلك.. نعرف كم هو الثمن الذي يدفعه الشعب المصري.