الوطن
سهير جودة
هيا بنا نزدرى.. هؤلاء!
هل كنا فى غفلة ولا ندرك أن لدينا تعليماً يبيض ذهباً للتطرف والإرهاب؟ هل كنا فى حاجة إلى إثبات التحقيقات فى مقتل النائب العام السابق هشام بركات أن مرتكبيه ينتمون إلى جامعة الأزهر كى ندرك فداحة ناتج تعاسة التعليم المصرى عامة والتعليم الأزهرى بشكل خاص، إذا لم تجعل الدولة التعليم أولوية أولى لها وإذا لم نزدر نوعية التعليم الأزهرى والحكومى فنحن نكتب على سبورة التقدم بيد مرتعشة واليد الأقوى تمسك ممحاة ليبقى المستقبل سبورة سوداء، لماذا لا تفكر الدول فى جعل الازدراء مشروعاً قومياً ولكنه ازدراء بعيد عن تهم الازدراء التى يكتبها التاريخ ضد الوطن وضد العلم وضد التفكير، الدولة فى حاجة لازدراء أنفاق الأمية التى تحاصرنا رغم الزيادة الكبرى فى أعداد الشهادات والخبراء ولكن الحقيقة أننا من محدودى الدخل فى الفهم والمعرفة والوعى، وإذا لم نزدر الجهل ونستبدله بزهو التنوير فسوف نبقى أوفياء للبؤس الاقتصادى والبؤس المعرفى، فنوعية التعليم والتنوير ترجمة لنوعية الحياة، ماذا ننتظر حتى يكون للدولة خطة واضحة لازدراء تجريف الوعى وهو المرض الأخطر الذى عانت منه مصر سنوات طويلة، إذا لم تمتلك الدولة هذه الخطة وإذا لم يكن لها هذا الهدف فسوف نبقى أعداء للعلم وسننجب كل ثانية مشروع إرهاب تجبره ظروف الفقر على دخول المعاهد الأزهرية التى أصبحت الباب الملكى للأفقر والأقل قدرة علمية، ولتصبح هذه المعاهد البيئة الحاضنة للتطرف وتفرخ للجامعات عقليات مسلحة بالجهل والعنف والتطرف، معاناة تجريف الوعى قادت المجتمع إلى التدهور فكرياً واقتصادياً واجتماعياً، وأصبحت هناك أمراض أكثر وضوحاً فى نوعية التعليم الأزهرى، وأصبح عدد كبير ممن يدرسون فى الأزهر أصحاب فكر منغلق أو جامد أو متطرف وأجيال تسلم لأجيال أخرى، مع مزيد من التدهور والتطرف، لماذا لا تدرس الدولة اقتراح دكتور حسام بدراوى بجعل التعليم الدينى جزءاً من التعليم العام فى المرحلة الثانوية لأن التعليم الأزهرى لا تنطبق عليه مواصفات الجودة ولأنه أقصر الطرق للحصول على شهادة ورقية، ولأسباب كثيرة جداً ولأن لدينا من تعاسة فى التعليم ما يكفى فكيف نضيف مزيداً من التعاسة والتدهور، تجريف الوعى فى مصر خلق لنا أهدافاً صغيرة وفتح أبواب فساد كبيرة، فماذا ننتظر حتى تعلن الدولة ازدراء الجهل وتدرك أن التعليم هو أم الكوارث وأبوها أيضاً فى هذا الوطن؟ فالتعليم والرقى والتنوير مع كامل الأسف أصبح فى الدرك الأسفل من الأولويات، وإذا كنا نعانى من تضخم اقتصادى فهو ناتج تضخم الجهل وإذا كنا نستنزف ونفقد كل لحظة شهداء فى محاربة الإرهاب فكيف نحتفى ونقدس أفكاراً تشع عنفاً وتطرفاً ونستحى من عقول مغلقة على جهل وحفظ، بينما نلحق بمن يحاول رصف طرق التفكير بالوعى والأسئلة والمنطق كل الأذى والإيذاء ونلاحقه قضائياً، بينما نجعل من شخصيات هى فى حقيقتها آثام عظيمة وبعضها يزرع غيطان التطرف بمياه آسنة بأفكار وفتاوى خالية من المنطق، ونجعل من هذه الشخصيات مرجعيات فكرية ونخشى الاقتراب منها على اعتبار أنها الدين، وإذا لم يكن التنوير هو الهدف والاتجاه وبالتالى تزدرى الدولة كل فكر وكل سلوك وكل قيم خارج نص التنوير والوعى وكل ما من شأنه الوقوف أمام مدنية الدولة فسوف تستمر حربها ضد الإرهاب إلى الأبد، الوطن لا بد أن يتطهر من كل الإعاقات التى تكبله أو توصمه، وإذا لم يزدر الإعلام أصحاب اللسان الطويل والبذاءات والأدعياء وأبطال الفضائح وأشباه المثقفين والجهلاء من مروجى الخرافات فى العلم والدين، وإذا لم يزدر الإعلام المرضى النفسيين حيث عنبر الخطرين فى مستشفى الأمراض العقلية أولى بهم وإذا لم ينتبه الإعلام إلى أن ظهور كل هؤلاء سحق للوطن وللعلم وللقيم فلنقرأ الفاتحة على أرواحنا جميعاً، الإعلام لا بد أن يترفع عن الفضائح والتوافه والصغائر والخطايا ويحتفى بالمفكرين والعلماء والتنويريين والانشغال بالقضايا الكبرى والمهمة، إذا أراد الوطن أن يكون فيجب ألا تكون به ضلالات فكر وأدعياء دين أو وطنية، إذا أراد الوطن أن يكون فيجب أن يغلق فتنة الجهل حتى لا نكون مطية لكل فاسد أو لكل مستبد أو كل مشعوذ ولكل من يمنح نفسه قداسة فوق القانون وإذا لم تطبق الدولة معايير جودة التعليم العالمية عن التعليم وتعلى من قيمة التفكير فسوف تبقى على ذمة الجهل، خطيئة نظام مبارك أنه صلى على الجهل ورضى عنه وجماعة الإخوان كانت الأولوية الأولى لها بقاء الشعب على جهله لأنه الضمان لاستمرارهم والمتاجرة بالدين وبيع الوطن بأبخس ثمن وشراء وهم الزعامة، نور العلم والمعرفة وترسيخ الوعى هو الضمانة الأولى لهذا الشعب وإذا لم تزدر الدولة بجدية وإصرار كل ما يجلب الهزيمة والانكسار فسوف تبقى فى خطر عظيم، وإذا لم تكن لدينا الإرادة لثورة بناء فى التعليم والتنوير والانحياز لمدنية الدولة فسوف نكون وليمة فاخرة للذئاب والثعالب والضباع.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف