المساء
مؤمن الهباء
شهادة- اغتيال الفرحة!!
كان مشهد اسقاط عضوية النائب توفيق عكاشة في مجلس النواب مثيراً للفرحة والبهجة والعزة الوطنية.. ان إحساسنا أن فصل عكاشة "نائب التطبيع" جاء تعبيراً سريعاً ومباشراً عن الرفض الشعبي للتطبيع مع إسرائيل بصفة عامة.. كل الشواهد كانت تغذي هذا الإحساس وتنميه.. البعض بالغ في التوصيف واعتبر انتفاضة المجلس ضد عكاشة استثناء شعبياً علي فكرة التطبيع ذاتها من حيث المبدأ وتجديد الوعي الوطني والقومي بأن إسرائيل كانت ومازالت وستظل عدونا الاستراتيجي الأول.. خصوصاً أن هذه الانتفاضة جاءت في سياق روج فيه كثيرون لتقارب حميم بين مصر وإسرائيل.. وبين بعض دول الخليج وإسرائيل.
كان لدينا إحساس قوي بأن فصل نائب التطبيع من مجلس النواب يعني رد الاعتبار للإرادة الوطنية والقومية وتصحيح بعض المواقف بعد أن منحت مصر صوتها لإسرائيل. لأول مرة في التاريخ. في إحدي اللجان المنبثقة عن الأمم المتحدة.. وبعد أن تزايدت أراجيف المبطلين حول عروبة القدس والمسجد الأقصي وعدم وجود مبرر للعداء مع الكيان الصهيوني.. ودعوة المتحدث باسم اتحاد الكرة إلي التطبيع الرياضي.. والحديث عن إقامة مباراة بين منتخبي البلدين وتفاوض أحد الأندية الكبري لشراء لاعب إفريقي عن طريق وكيل إسرائيلي حصل علي عمولة كبيرة.. وتسريب أنباء عن لقاءات سعودية ـ إسرائيلية وعلاقات من نوع ما بين الإمارات وإسرائيل ووساطة إسرائيلية لإصلاح العلاقات بين مصر وتركيا وإصلاح العلاقات بين مصر وأمريكا.
نعم.. كان لدينا إحساس كبير بأن فصل نائب التطبيع جاء في وقت مناسب ليقول لكل الأطراف. وبالذات في أمريكا وإسرائيل ومن هرول في مدارهما إننا لسنا غافلين عن تآمركم.. وإن الإرادة المصرية الشعبية مازالت صلبة ضد التطبيع.. وإن كامب ديفيد لا يمكن أن تجعل من العدو صديقاً.. وكانت فرحتنا كبيرة بهذه الانتفاضة التي يجب أن يفهم رسالتها كل مسئول في هذا البلد.. لكن الدكتور علي عبدالعال رئيس مجلس النواب ـ الله يسامحه ـ آثر أن يغتال فرحتنا الوليدة عندما أعلن أنه "لا علاقة لفصل النائب بمقابلته مع السفير الإسرائيلي".
كأن د.عبدالعال بهذا التصريح الذي نشرته كل الصحف استكثر علينا أن نفرح بالانتفاضة الوطنية فتعمد إحباطها.. وأعادنا إلي الواقع حتي لا نذهب بعيداً مع الموجة التي خلقتها مانشيتات الصحف التي قدمت مشهد إسقاط عضوية عكاشة علي أنه انتصار وطني.. حيث ذكرت في هذه المانشيتات: "البرلمان يسقط نائب التطبيع" و"التطبيع مع إسرائيل أطاح بالنائب خارج البرلمان" و"التطبيع يسقط عضوية عكاشة".
أضف إلي ذلك أن كلمات النواب الذين تحدثوا تحت القبة عن ضرورة إسقاط عضوية نائب التبيع كانت تفيض حماساً وحباً وغيرة علي الوطن.. ونسبت الصحف إلي بعض هؤلاء النواب اتهامه للنائب بأنه "خان الوطن وأساء للشعب والبرلمان وتعدي علي السلطة التنفيذية وأهان رئيس الدولة وعرض الأمن القومي للخطر".. ثم بعد ذلك جاء تصريح رئيس المجلس تاركاً كل هذا ومركزاً علي أنه "لا علاقة بين فصل النائب ومقابلته مع السفير الإسرائيلي".
إذا كان الأمر كذلك.. فما هو السبب المباشر ـ يا تري ـ الذي أشعل ثورة الغضب لدي النواب ودفع المواطنين والناخبين في دائرة عكاشة إلي الدعوة لإسقاط عضويته؟!
إذا لم يكن اللقاء مع السفير الإسرائيلي هو ما أدي إلي فصل نائب التطبيع فما هو السبب الحقيقي وراء ذلك الإجراء الحاسم الذي تم بصورة مذهلة؟!
إن التصريح الذي أدلي به رئيس البرلمان أخذ القضية إلي منطقة أخري مثيرة للأسئلة والتكهنات.. ودفع البعض إلي الاعتقاد بأن عكاشة كان عليه أن يسدد فاتورة تحوله من معسكر التأييد إلي معسكر المعارضة.. وأن المجلس كشر عن أنيابه حتي يرتدع الجميع.. وما حدث مع عكاشة سوف يحدث مع كل من تسول له نفسه السير في الاتجاه المعاكس.
ملحوظة أخيرة: ليس عندي سبب واحد للدفاع عن عكاشة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف