التحرير
أشرف الصباغ
إيران تشعل المزيد من الجبهات الساخنة
تواصل إيران صب المزيد من الزيت على النار في غالبية النقاط المشتعلة، وتفتح أيضًا جبهات جديدة ساخنة وقابلة للاشتعال. فقد أثارت الاختبارات الصاروخية التي أجراها الحرس الثوري الإيراني غضب الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية، مما دفع بعض الأطراف إلى إمكانية الرد بطرق مختلفة.

وزارة الخارجية الأمريكية أعلنت أنها ستعد تقريرًا حول التجربة الصاروخية الأخيرة في إيران وستقدمه لمجلس الأمن الدولي. بينما هدد البيت الأبيض بفرض عقوبات جديدة، أو مناقشة مقترحات بعدم رفع جميع العقوبات وفقًا للاتفاق النووي الإيراني الذي تم التوقيع عليه. وهو ما يعتبره البعض مرونة من جانب واشنطن تستهدف تقوية إيران ولكن ليس إلى النهاية. أي تعزيز قوة إيران بما يسمح لها الاستغناء قليلاً عن الدوران في فلك روسيا. بل وتعول على تفاقم الخلافات بين موسكو وطهران في صفقة منظومات (إس-300) الصاروخية.

في نفس السياق، أكد نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن أن واشنطن ستتحرك في حال انتهكت طهران الاتفاق النووي مع الدول الغربية. هذا التصريح جاء خلال زيارته إسرائيل، حيث أكد لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن "إيران النووية ستشكل خطرًا غير مقبول على الإطلاق على إسرائيل والمنطقة والولايات المتحدة". بينما قال قائد وحدة فى الحرس الثورى الجنرال أمير على حاجي إن "صواريخ إيران متوسطة المدى مصممة لتكون قادرة على ضرب إسرائيل"، مشيرًا إلى أن "السبب وراء وضع تصميم لصواريخنا بمدى 2000 كيلومتر هو أن تكون قادرة على ضرب عدونا الصهيونى من على مسافة آمنة"، مؤكدًا أن "إسرائيل يجب أن تُمحى".



لقد فتحت إيران "هذه الجبهة" وهي تدرك جيدًا أن الغرب لن يرد لأسباب كثيرة، على رأسها أن طهران أصبحت تشكل ورقة مهمة، ربما للمقايضة بين موسكو وواشنطن، وربما كلاعب قد يستفيد منه الطرفان في ملفات محددة. ومن جهة أخرى، يبدو أن هناك اتفاقات ضمنية على عدم توسيع رقعة المواجهات بين إيران وإسرائيل، وبالتالي، قد تقتصر المواجهات بين "حزب الله" وتل أبيب على التصريحات الساخنة فقط. وهو فعليًّا ما يجري على أرض الواقع في الوقت الراهن. ويبدو أن لا حماس ولا حزب الله لديهما "الأوامر" أو "الرغبة" أو "القدرة" على الاشتباك مع إسرائيل، لأسباب سياسية وتحالفية.

أما "الجبهة الثانية" التي لا تنكرها إيران، بل تفخر بها، فهي مشاركة عناصر وخبراء ومستشارين عسكريين إيرانيين في القتال في سوريا إلى جانب قوات نظام دمشق. إضافة إلى "الجبهة الثالثة" التي يمر عبرها الدعم الكامل لـ"حزب الله" في الداخل اللبناني أيضًا، وهو ما يهدد لبنان بالمزيد من الانقسام والمخاطر.



وعلى صعيد الأزمة اليمنية، فقد تم فتح "الجبهة الرابعة"، إذ أعلنت طهران عن إمكانية إرسال خبراء ومستشارين عسكريين إلى هناك لمساعدة الحوثيين. هذا التصريح ظهر قبيل الحديث عن المباحثات بين الحوثيين والمملكة العربية السعودية، وإمكانية التوصل إلى تهدئة تسمح بإيصال المساعدات الإنسانية إلى الشعب اليمني. مما يعني أن إيران لا ترغب إطلاقًا في أي تهدئة، وليس لديها النية في إسهامات إيجابية لتطبيع ملفات المنطقة. بل على العكس، ترى أن تفاقم الأوضاع من مصلحتها، على الأقل في المدى القريب.

أما "الجبهة الخامسة"، فهي تتمثل بشكل غير مباشر في ما يدور حول إعلان جماعة الحوثي عن تعيين أول سفرائها في الخارج منذ سيطرتها على العاصمة اليمنية صنعاء العام الماضي. وقد وقع اختيارها على نائب رئيس "اللجنة الثورية العليا" نائف أحمد حميد القانص ليكون سفيرًا لليمن في العاصمة السورية دمشق. هذا الأمر لا يمكن، وفق خبراء، أن يتم بمعزل عن طهران. ولكن المخاوف تتزايد من إمكانية الرد في هذا الصدد تحديدًا ويبدأ بعض الأطراف الأخرى بفتح سفارات وقنصليات وممثليات لأطراف المعارضة السورية.



أما "الجبهة السادسة" والتي تظل مثيرة للتساؤلات، فهي تتمثل في زيارة رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو لطهران. وهي زيارة إشكالية في ظل الموقف التركي المتعنت، سواء بشأن العلاقات مع روسيا أو في الأزمة السورية، أو في التعاون مع التنظيمات والجماعات المتطرفة. وبطبيعة الحال، كان من الطبيعي أن تهتم وسائل الإعلام والتحليلات السياسية بمثل هذا اللقاء، حيث وصفها البعض بأنها طلب تركي لوساطة بين إيران وروسيا، ما يمكنه أن يسمح بطلب وساطة تركية بين إيران والسعودية.

ولكن لا أحد يعرف موقف دمشق، على سبيل المثال، من هذه الزيارة، ومن أهدافها الحقيقية. ولا أحد أيضًا يعرف موقف موسكو من نفس هذه الزيارة. غير أنه من الواضح أن هناك مناورات سياسية (أو مساومات) بين موسكو وطهران من جهة، وبين موسكو ودمشق من جهة أخرى. هناك مشكلات بالفعل على الرغم من كل التصريحات المرنة والفضفاضة التي تطلقها طهران ودمشق وموسكو.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف