التحرير
عمرو حسنى
يعرفون حبيبتهم من مقاس حذائها!
يقولون إن الأمير الوسيم فارس الأحلام ظل يراقص سندريلا مفتونًا بها، ودون أن يلتفت إلى شىء آخر سواها حتى منتصف الليل.

إذن فمن المؤكد أن المنطق يفترض معرفته لملامح وجهها جيدًا. لكنها عندما تركته مسرعة وغادرت الحفل، لتلحق بعربتها التى تشبه القرعة العسلية، لم يجد وسيلة للتعرف عليها فى صباح اليوم التالى سوى من مقاس حذائها الذى انزلقت "فردة" منه من إحدى قدميها فى الطريق!

منطق عجيب يفسد فكرة الغرام الملتهب الوليد. لماذا أرسل الأمير مناديه ليجوب الطرقات معلنًا أنه سيعقد اختبارًا لفاتنات المدينة لقياس "فردة" الحذاء فى أقدامهن؟ لماذا لم يأمره بأن يتوجه بالنداء صراحة إلى من راقصته بالأمس بضرورة التوجه إلى القصر؟ هل كان الأمير يجهل ملامح وجه سندريلا لأنه كان يراقصها وهو يتحاشى النظر إلى وجهها؟! هل كان ضعيف الإبصار ويخشى أن يلتبس عليه الأمر؟

هل نسى ملامحها فى الصباح رغم أنه استيقظ متيمًا بحبها؟! أم أنه كان يخشى أن تكون لها شبيهة تتطابق معها فى ملامح الوجه والجسد، لذا قرر أن يلجأ إلى اختبار مقاس الحذاء لكى لا يتورط فى اختيار شبيهتها كزوجة له بالخطأ؟! كلها احتمالات عجيبة لا تصب فى صالح الأمير.

لأن أهونها يشى بغرابته وأفدحها يفضح حبه غير الصادق لها. كل من حكموا مصر يشبهون ذلك الأمير. كلهم يسبلون أعينهم ويدعون أنهم يتدلهون فى حبها، بينما هم لا يعرفون ملامح وجهها. كلهم يتخذون أوضاعًا دعائية كاذبة لكى يزين الرسامون جدران قصورهم بلوحات تصورهم وهم يمسكون "بفردة" حذائها!

كلهم يجهلون ملامحها إما لضعف إبصارهم، أو لأنهم كانوا يفكرون فى كيفية خداعها ويتحاشون النظر إلى وجهها وهم يراقصونها. تلك الطريقة الرومانتيكية المضحكة فى العثور على الحبيبة تليق بباعة أحذية متحذلقين لا بأمراء يفترض أنهم يعرفون وجه محبوبتهم جيدًا. النتيجة أنهم يتزوجون فى نهاية المطاف، عامدين لا غافلين، بسندريلا مزيفة غير من رقصوا معها، ويستبسلون دائمًا لإقناعنا بأنهم عثروا على أميرتهم الفاتنة. كلهم ينحازون للأقدام لا للوجوه، وليتهم يعرفون وجه المرأة التى يصدعون رؤوسنا بحبهم لها.

عزيزتى سندريلا أنت أيضًا تافهة جدًّا وتتحملين قدرًا لا بأس به من الخطأ فى تلك التركيبة الدرامية الفاشلة. لماذا تقبلين الزواج بشخص لا يفلح فى التأكد من شخصيتك مكتفيًا بالنظر إلى وجهك؟ لماذا تنبهرين دائمًا بالأمراء والمماليك؟

لماذا تتطلعين دائمًا إلى حبيب قادم من القلعة البعيدة؟ حبيبك الصادق لا يشترط أن يكون متحذلقًا وغارقًا حتى أذنيه فى أوسمته الصفيح الملونة. يكفى أن يختارك بلا تردد وهو ينظر فى عينيك محبًّا وواثقًا لأنه لا يحتاج إلى أية أدلة ساذجة مساعدة أخرى لكى يعرفك. لا تفزعى من ملمس أصابعه الخشنة العاملة لأنها تليق بحياتك التى أنهكها الشقاء. فمن المؤكد أنها أكثر صدقًا من الأصابع الناعمة اللينة لأمراء لا يعرفون وجوه حبيباتهم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف