في الدول الديمقراطية الحرة. تحاط الصحافة بالاحترام الكامل. تكون مرآة الحاكم أو المسئولين عموماً. يعملون لها ألف حساب. ويستجيبون لما تطرحه من قضايا وآراء نابعة من حب الوطن والحرص علي إعلاء مصالحه. صحيح أن هناك صحفاً سواء في أمريكا أو دول أوروبا لا تحركها المهنية بقدر ما تحركها مصالح وتوجهات أصحابها أو مموليها. لكننا نتحدث عن قاعدة عامة وليس عن استثناءات. قاعدة المصالح تنتشر أكثر في الدول الديكتاتورية.
في الدول الديمقراطية الحرة لا يغضب الحاكم أو المسئول من تقرير هنا أو مقال هناك ينتقده أو حتي يسخر منه. فالحرية. حتي بتجاوزاتها. متاحة ومسموح بها للجميع. وما تنشره الصحف يلقي صدي واستجابة لدي المسئولين هناك تذكرون ما تم بخصوص الرئيسين الأمريكيين نيكسون وكلينتون.. الصحافة جابتهما الأرض.
في الدول الديكتاتورية التي تمضي دائماً إلي حتفها. يضيق صدر الحاكم بالنقد. ولا يلتفت المسئولون إلي ما تنشره الصحف بالوثائق والمستندات عن وقائع فساد فاضحة في المواقع التي يتولون مسئوليتها. حتي أن كلمة "خلي الصحافة تنفعك" تصبح لازمة عند كل مسئول يواجه بها مرءوساً له شكا إلي الصحافة أو أذاع عبرها أخباراً عن وقائع فساد في هيئته أو وزارته.
في الدول الديكتاتورية. ولأن الوزير أو رئيس الهيئة أو المصلحة يكون مسنوداً دائماً من الأمن والجهات الرقابية التي لا تخلو من فساد هي الأخري. لا يبالي الوزير أو المسئول بأي شيء تنشره الصحف حتي لو كانت وقائع فساد ارتكبها هو شخصياً.. من دخل الحكومة فهو آمن. ولا تقل لي إنهم في تلك الدول الديكتاتورية يلقون القبض أحياناً علي وزراء ومسئولين ويضعونهم في السجن بعد اكتشاف وقائع فساد ارتكبوها. فهؤلاء إما أن روائحهم فاحت بشكل لا يمكن مداراته. وإما أنهم انحرفوا عن الخط المرسوم لهم. وإما أنهم نسوا أنفسهم وراحوا يعملون لحسابهم الشخصي قط دون تظبيط أسيادهم. وإما أن الله قيد لهم رجلاًً شريفاًً من هذا الجهاز أو ذاك- الشرفاء موجودون في كل موقع - وأصر علي القيام بواجبه نحو وطنه.. وإن كان بعض الشرفاء في الدول الديكتاتورية يتم التنكيل بهم بعد ذلك!!
في الدول الديكتاتورية التي يحكمها فرد وحاشية فاسدة. ينظر إلي الاعلام عموماً والصحافة خصوصاً بشكل متدن. لابد أن تكون تابعاً ومنافقاً ومصفقاً ومزيفاً وخادماً ومنسحقاً وتؤكد أن كله تمام وزيادة حبتين. وإلا ستكون خائنا وعميلاً ومدعوماً من الاعداء الذين لا تعرف من هم أصلاً.
في الدول الديكتاتورية. التي تسير إلي حتفها دائماً. لا يتم التعامل مع الحاكم باعتباره بشراً قد يصيب وقد يخطيء. لكنه. بفضل المنافقين وكذابي الزفة. يصبح إلهاً كلمته هي العليا ولا يأتيها الباطل من أي مكان. أما إذا انتقده أحدهم أو حتي أشار من طرف خفي إلي بعض تحفظاته علي أداء هذا الإله. فهو عميل ومشارك في مؤامرة كونية ضد وطنه الغالي.
في الدول الديكتاتورية يتم تصعيد الأشباه والإمعات إلي كل المناصب. لا مكان لموهوب أو صاحب شخصية قوية أو رأي حر.. في الدول الديكتاتورية لا مكان سوي لصحافة الإشادة والتطبيل والرقص.. حتي لو كان علي جثة الوطن.
وقانا الله شر الدول الديكتاتورية .. وتحيا مصر دائما وأبداً دولة حرة مستقلة.. إلي الامام يا مصر!!!