كيف عاد فضل شاكر إلى مقدمة الكادر الفنى بلا لحية على ذقنه ولا كلاشينكوف فى يده! كانت آلة العود تُطلّ علينا فى المشهد فى أثناء التسجيل الذى أجرته معه قناة «إل بى سى» اللبنانية، كيف ظهر فجأة بعد أكثر من عامين، وكانت صورته قبلها المنتشرة عبر الإنترنت نراه وهو يُشهر السلاح، مشاركًا فى عمليات عسكرية ضد الجيش اللبنانى.
سبق ذلك بالطبع تصريحات أطلقها شاكر تُحرّم الفن، بل وصل بعضها إلى حد انتهاك أعراض زملائه وزميلاته.
لدينا معضلة قانونية بالطبع ستواجه فضل، لكن أشعر فى المقابل أن هناك صفقة ما تمت معه، ولديه مَن يدعم عودته إلى الحياة الفنية وخروجه آمنا من الملاحقات القانونية، مقابل أن يُعلن توبته على الملأ ويتنصّل من كل مواقفه السابقة.
هل أنت عزيزى القارئ راضٍ عن تلك الصفقة؟ أنا شخصيا لا أخفيكم سرا أننى أتمنى أن تكلل بالنجاح، وأن تُسفر تلك المقايضة عن عودته مجددًا إلى الحياة الفنية.
بين الحين والآخر نضبط أنفسنا ونحن نغضّ الطرف عن الوسيلة ما دامت أن النتائج جاءت مرضية، قرأت مثلًا قبل يومين أن الفاتيكان ، وهو أعلى سلطة دينية روحية فى العالم عند الكاثوليك، معروض عليه أن يستعيد وثيقتين بخط يد مايكل أنجلو الذى شارك بالرسم والنحت فى إعداد الكنائس داخل الفاتيكان، السارق طلب أن يحصل على 100 ألف يورو، بالطبع لا توجد مؤسسة دينية توافق على الابتزاز، لكن فى نفس الوقت أشعر أن نجاح الفاتيكان فى إعادة الوثيقتين قضية إنسانية لا تعنى فقط الكاثوليك، من الممكن أيضا أن تحدث تلك المقايضة بعلم الكنيسة، لكنها ستظل دوما تعلن رفضها للابتزاز.
كثيرة هى المقايضات التى نوافق عليها، وإن كنا فى العادة لا نبوح بها، حكى لى مثلا الموسيقار الكبير كمال الطويل أنه بحكم عمله فى الإذاعة المصرية فى قسم الموسيقى والغناء فى مطلع الخمسينيات، كان عضوا بلجنة الاستماع المنوط بها اعتماد أصوات المطربين، وكلما تقدّم عبد الحليم للجنة رسب، كانت القاعدة المعمول بها هى أن اللجنة الثلاثية ينبغى أن توافق كاملة، وكان هناك مطرب يمتّ بصلة قربى إلى أحد أعضاء اللجنة، وفى كل مرة يتقدم يرفضه الطويل، لأن صوته نشاز، على المقابل كان هذا العضو يرفض اعتماد صوت عبد الحليم، وتدخل عضو اللجنة الثالث واقترح على الطويل تليفونيًّا أن يوافق على المقايضة، وهذا هو بالضبط ما نفّذه الطويل، وعندما روى لى هذه الواقعة سألته، أجابنى كنت أعلم أن هذا المطرب لن يكمل أبدا الطريق، سيحمل شهادة من الإذاعة المصرية باعتماده، لكن ماذا بعد لا شىء، بينما فى تلك السنوات كان من المستحيل أن يكون مطربا خارج نطاق الإذاعة المصرية، فوافقت على تلك الصفقة من أجل حليم.
فى فيلم خلى بالك من زوزو الذى حقق نجاحا جماهيريا وفنيا غير مسبوق، كانت المرشحة لدور زوزو منى قطان، هكذا كتب صلاح جاهين السيناريو لزوجته الجديدة، واتفق مع مخرج الروائع حسن الإمام، حيث كان جاهين مشاركًا أيضا فى الإنتاج. بذكاء التقط الإمام الفكرة وأقنعه أن البطولة تُسند هذه المرة إلى سعاد، على أن تشارك منى بدور رئيسى كبداية، وبعدها يمنحها دورا أكبر فى العمل الفنى القادم، ولكن الذى حدث بعد نجاح زوزو قدّموا معا أميرة حبى أنا لسعاد، ولم تعرف منى أبدا البطولة.
روى لى المخرج سعيد مرزوق أنه وافق على إخراج فيلم الدكتورة منال ترقص ، ولم يكن مقتنعا بالبطلة التى فرضها عليه المنتج، ولكن أمه فى نفس التوقيت كانت بالمستشفى وبحاجة إلى مصاريف علاج أسبوعية لغسل الكلى فوافق. عندما قلت لسعيد مرزوق هذا هو أسوأ أفلامك، أجابنى: أنت تجاملنى أنه أسوأ أفلام السينما المصرية على الإطلاق، لكن لو عادت بى الأيام سأوافق ثانية من أجل دفع تكاليف علاج أمى، مَن كان منكم بلا صفقة فليرجمهم بحجر!!