السماجة في اللغة العربية هي فعل العيب والقبيح وفي العامية يقال فلان سمج أي "دمه تقيل وغلث" وان كلامه وأفعاله تثير الاشمئزاز. هذا بالضبط هو الشعور الذي وصلني عندما قرأت تصريحا لمسئول أمريكي حول تحقيقات حادث اغتيال النائب العام السابق هشام بركات. فقد كلف مارك تونر نائب المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نفسه وتمطع ووقف أمام وسائل الاعلام في واشنطن ليدلي ببيان خطير بعد ما أعلنت الداخلية المصرية التوصل إلي هوية المتورطين في حادث الاغتيال وأعلن سعادته بكل شجاعة ان الولايات المتحدة تتفق مع الحكومة المصرية في ضرورة محاسبة المتورطين في اغتيال النائب العام السابق هشام بركات العام الماضي وتقديمهم للعدالة!
هل رأيتم أو سمعتم سماجة بهذا المستوي؟ المسئول الذي يتحدث باسم الحكومة الأمريكية يبشرنا بأن بلده أخيراً والحمد لله تعطفت ووافقت علي أن تحاسب الحكومة المصرية المتورطين في الحادث! وأيضاً ليس لديها مانع من تقديمهم للعدالة! شكر الله سعيكم يا رجل والحمد لله علي تعاطفكم وإلا كانت حكومتنا احتاست ووقعت في حيص بيص وما كانت تقدم علي محاسبة المتورطين في الحادث لولا موافقة فتوة العالم.
وتستمر التصريحات الأمريكية المستفزة والمثيرة للاشمئزاز وتأتي هذه المرة من مستوي سياسي أعلي انه جو بادين نائب الرئيس الأمريكي شخصياً الذي يتحدث عن ضرورة وقف العنف بين الاسرائيليين والفلسطينيين بعد الهجوم الذي وقع الثلاثاء الماضي في يافا وأسفر عن مقتل سائح أمريكي. التصريح يساوي بين الضحية والجلاد متجاهلاً الحقائق الماثلة علي أرض الواقع التي توضح بالأرقام انه منذ أكتوبر الماضي أسفر العنف المتبادل عن قتل 28 اسرائيلياً وأمريكياً في هجمات فلسطينية بالطعن وإطلاق النار والدهس بسيارات في حين قتلت القوات الاسرائيلية 177 فلسطينياً. تقول اسرائيل ان 119 منهم مهاجمون بينما قتل أغلب الباقين بالرصاص في احتجاجات عنيفة. النتيجة 28 ضحية في جانب و177 في الجانب الآخر والتشخيص الأمريكي يساوي بين الطرفين! "اللي اختشوا ماتوا".. ويبدو من مراجعة أحداث التاريخ الانساني ان مرض جنون العظمة ومنطق الفتوة الذي تتصرف به واشنطن حالياً سيؤدي بها حتماً إلي مصير مشابه لكل الفتوات أو الامبراطوريات العظمي التي اندثرت وأصبحت ذكري ودروساً لمن يريد أن يتعلم.
ـ التحركات التي تشهدها الساحة السياسية المصرية حالياً لتكوين تكتلات تهدف إلي تجميع قوي مدنية متوافقة فكرياً لا يجب أن تثير القلق كما يبدو من بعض الحوارات. بل يمكن اعتبارها وسيلة لتصحيح مسار الحياة الحزبية التي يدرك الجميع مدي ضعفها وعدم قدرتها علي التعبير الصحيح عن نبض الشارع المصري المتطلع لتحقيق شعارات ثورتيه في يناير ويونيو وهي الشعارات التي لن تحققها إلا القوي الديمقراطية المؤمنة بمدنية الدولة وهي قوي لا تقف في خندق معادي للنظام القائم ولكنها تعمل علي تدعيم الديمقراطية القادرة علي تصحيح المسار بدلاً من ترك الساحة خالية أمام قوي فاشية مازالت تقاوم وتعمل في الخفاء لإفشال كل جهد يبذل من أجل تحقيق الأهداف التي ثار من أجلها الشعب.
لقطة :
عندما تصرح د. إيناس عبدالدايم رئيس دار الأوبرا بأنها تسعي بالتعاون مع وزارة الثقافة ليمتد نشاطها من العاصمة إلي باقي المحافظات فإن التحية واجبة لهذا الاتجاه الذي يتجاوب مع الإقبال الجماهيري المكثف علي حفلات الأوبرا وبرامجها المتنوعة.