عباس الطرابيلى
هموم مصرية -البتلو.. مشروع له تاريخ!
تبدأ وزارة الزراعة - الأسبوع القادم - صرف القروض لمشروع البتلو وهو حلم هواة لحم البتلو.. ولكن هل سأل الدكتور عصام فايد وزير الزراعة الحالى نفسه.. كم وزيرا قبله للزراعة تبنى هذا المشروع.. ومن سنوات تعد بالعشرات.. ثم تكالبت عليه مؤامرات مافيا استيراد اللحوم، إلى أن تم اعدام هذا المشروع مرات عديدة حتى -ونحن نسخر من انفسنا - قلنا: إننا نزرع الأرض برسيماً ليأكل الحيوان.. ولا نزرعها قمحاً، ليأكل البشر!!
<< ولم تكن مصر تستورد لحوماً- قبل 60- 70 سنة.. كنا نأكل مما نربى إلى أن عرفنا مأساة استيرادها: الأغنام من استراليا ونيوزيلندا شرقاً ومن الارجنتين.. وأيضاً الابقار من البرازيل وفرنسا وكذلك من الصومال والسودان واثيوبيا وكينيا، حتى الاغنام نستوردها من برقة، فى ليبيا.. بل وعرفنا استيراد لحوم الابقار من الهند..
وحاولت مصر السيطرة على سوق اللحوم واستيرادها.. فقررت الاكتفاء بالذبح أربعة أيام.. ثم وقف الذبح لباقى الاسبوع.. وعجزنا.. وجاء أكثر من وزير- اشهرهم الدكتور يوسف والى - حاولوا العودة إلى الاعتماد الذاتى وأخذوا فى تمويل وتنفيذ مشروعات لتربية عجول البتلو وتحريم ذبح الاناث.. ورغم ذلك التهبت أسعار اللحوم إلى أن تجاوز سعر الكيلو فيها المائة جنيه، أما الأجزاء الممتازة فحدث، ولا حرج.. وأتذكر عندما كنت طالبا فى الجامعة أن كنت اشترى نصف الكيلو بتسعة قروش ولكن هذه كانت أسعار الخمسينيات وعندما قفزت أسعار الحوم خرجت المظاهرات تهتف وهى واقفة أمام مجلس الشعب، وكان رئيسه أيامها مهندساً زراعياً مشهوراً هو المهندس سيد مرعي، كانت تهتف: سيد بيه يا سيد بيه.. كيلو اللحمة بقى بجنيه!! ترى ماذا تقول المظاهرات.. إذا خرجت هذه الأيام.
<< المهم لأن مصر الآن تعيش عصر مافيا متنوعة الاهداف والاساليب فى مقدمتها مافيا استيراد القمح، والزيت، والسكر والسيارات.. فإننا نعرف أيضاً مافيا استيراد اللحوم: حية ومبردة.. ومجمدة.. وهى تستورد للاسف، أسوأ الانواع.. تماماً كما عرفت مصر مافيا استيراد الفراخ فى الستينيات، وما بعدها..
ومافيا استيراد اللحوم الآن، أقوى من الحكومة.. وأقوى من أى وزير للزراعة.. أو وزير التموين.. لأن ارباحهم بالمليارات وهم يستغلون مواسم معينة يقبل فيها كل المصريين على تناول اللحوم، مثل شهر رمضان.. وعيد الاضحي، ولكن الان فى مصر عشاقاً للحوم باتت شريحة كبيرة من المجتمع تعشق اللحوم.. حتى ان كل الفنادق والمطاعم الكبرى والشهيرة.. تستخدم هذه اللحوم المستوردة..ولكن من أجزاء وقطعيات معينة، هى المميزة!!
<< ومشروع البتلو- قديماً.. وحالياً - يعتمد فى الاساس على توفير الاعلاف ومصر الآن للاسف، ليست منتجة لهذه الاعلاف.. اذ نستورد مكوناتها من الذرة والردة.. بينما يمكن ان نستخدم قش الارز والقمح علفاً بعد اضافة بعض المحسنات الغذائية، خصوصاً قبيل الذبح بأسابيع قليلة لتحسين الطعم.. أو لزيادة نسبة اللحم الاحمر.. أو الدهن.
تري.. لماذا يتركز مشروع البتلو على الوجه البحرى بالذات، ثم على الصعيد.. هل لأن بحرى فيه أكبر كثافة سكانية مستهلكة للحوم فى مصر.. أم لتوفر مصانع تجهيز العلف.. وتخفيضاً لتكاليف النقل من الموانئ وغيرها.. ولماذا لا ننطلق إلى المناطق شبه الصحراوية حيث تنمو المراعى الطبيعية من سيناء شرقاً ووادى جبال البحر الاحمر.. إلى الوادى الجديد والواحات.. بل وأيضاً إلى الأراضى الجديدة التى نخطط الآن على زراعتها.. لتكون البداية ولتحسين التربة بها زراعتها بأنواع من الحشائش والمراعى التى نجحت فى باقى المراعى العالمية..
<< وقبل ذلك كله -ومعه - نضع قواعد لاستيراد اللحوم.. ليس رفضا لها.. ولكن لمواجهة مافيا مستورديها.. وان نفعل فى الوقت نفسه عمليات تسمين العجول «بالجيم.. وليس بالقاف» وأن نوقف عملياً ونضع عقوبات رادعة لكل من يذبح عجول البتلو.. مهما كان السبب.