الوطن
د. محمود خليل
«تَعبان» يترأس «ميت»
«أبوالغيط» أمين عام جديد لجامعة الدول العربية. البعض نظر للحدث كإنجاز، خصوصاً فى ظل ما يظن البعض أنه معركة كبرى تخوضها مصر مع قطر التى رفضت تبوأه للمنصب، وكذلك السودان التى انحازت إلى رفضه، حدث ذلك فى الوقت الذى تعرضنا فيه لضربة كبرى من الاتحاد الأوروبى بعد أن أصدر البرلمان الأوروبى بياناً عاجلاً -على هامش مقتل الطالب الإيطالى «ريجينى» بالقاهرة- يدين فيه ما وصفه بالممارسات القمعية والتجاوزات الحقوقية فى مصر، وقبل هذا الحدث بساعات كان هناك حدث أخطر تمثل فى توقيع اتفاقية عسكرية بين كل من السودان وإثيوبيا للتعاون فى حماية المنشآت المهمة فى البلدين!.

منذ أن نشأت عام 1945 وأمناء الجامعة العربية من مصر (دولة المقر)، ولم يحدث أن تولى أمانة الجامعة شخص غير مصرى إلا عندما تم نقل المقر خلال فترة القطيعة بين مصر والعرب بعد توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل 1979، وتولى المنصب حينذاك التونسى الشاذلى القليبى، وبناء عليه فوصول مصرى إلى المنصب تحصيل حاصل، ولا يرقى إلى مستوى الإنجاز، اللهم إلا إذا كان البعض يرى فى دولة مثل قطر قوة ومنعة وعظمة لا نراها تجعله يرقص فرحاً، بعد أن تمكنا من تمرير اسم المرشح المصرى «أحمد أبوالغيط» رغماً عنها. الأدهى والأمر أن جامعة الدول العربية -باعتراف الجميع- كيان سياسى «ميت»، يؤكد ذلك عجزها عن تمرير أى قرار ذى بال، خلال الفترات التى واجه فيها العرب أحداثاً عصفت بالمنطقة، ناهيك عن أنها سقطت خلال السنوات الأخيرة فى حجر «الخلايجة»، ولا يستطيع أحد أن يعبر على دور المملكة العربية السعودية فى هذا السياق، بما فى ذلك فرض اسم وزير الخارجية الأسبق «أحمد أبوالغيط» على قطر. وأكبر دليل على ما أقول أن أول قرار اتخذته الجامعة، بعد سويعات من وصول «أبوالغيط» لمقعد الأمانة، قرار اعتبار «حزب الله» منظمة إرهابية، وهو القرار الذى اتخذه قبلها بأيام معدودات مجلس التعاون الخليجى. وتزامن مع هذا القرار قرار آخر بمنح «نبيل العربى»، الأمين العام السابق للجامعة، (2 مليون دولار) مكافأة له على تولى المنصب خلال السنوات الماضية. وأظن أن دولة المقر -مصر- تعانى هذه الأيام من أزمة دولار، تحول بينها وبين منح هذه المكافأة السخية.

نحن أمام كيان سياسى «ميت» وصل إلى مقعد أمانته دبلوماسى -مع كامل احترامى له- كان يرى أنه يعمل ضمن طقم سكرتارية الرئيس. قد يقول قائل: الوزراء فى كل دول العالم يعملون كـ«سكرتارية للرؤساء». هذا صحيح، لكن فى كل الأحوال يجب أن يكون لدى هذا السكرتير رؤية وقدرة متميزة تساعده على أداء مهمته فى خدمة الرئيس، فيبذل له النصيحة الصحيحة، ويزوده بالمعلومات الدقيقة، وليس سكرتيراً «تعبان» لا يجيد قراءة المشاهد. إننى أذكر أن السيد أحمد أبوالغيط خرج قبل ساعات من ثورة 25 يناير، حين كان وزيراً للخارجية، يؤكد أن مصر ليست تونس، نافياً أن تحدث ثورة ضد نظام «رئيسه» على غرار الثورة التونسية. فكانت النتيجة أن السكرتير واحد من الذين ضيعوا «رئيسهم»!.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف