الجمهورية
طارق الأدور
مواقع التناحر الاجتماعي "2"
تحدثت في الأسبوع الماضي في نفس هذا المكان عن كيفية تحول المواقع التي اطلق عليها عالميا "مواقع التواصل الاجتماعي" لأنها تربط بين كل فئات البشر اجتماعيا وتزيد فكر تقبل الرأي الآخر وهو ما أسس له صاحب فكرة موقع فيس بوك الأمريكي مارك زوكربرج إلي مواقع للتناحر الاجتماعي من خلال الاسفاف والخروج عن النص الذي قام به الكثير من رواد هذه المواقع بخاصة في مجال الرياضة الذي تحول إلي سباب وخوض في الأعراض بسبب سلوكيات القلة التي اصبحت مثلا لأشخاص عاديين تحولوا إلي تقليد سلوكيات هؤلاء باعتبار أن هذا الأسلوب ربما حقق مكاسب زائفة لبعض الوقت بدعوي ان هذا هو الأسلوب الذي يمكن ان يتم به الحصول علي الحق. وهو الأمر الذي حول سلوك الشعب المصري مؤخرا إلي غابة مباح فيها الوان الخروج عن النص.
واليوم أعود إلي هذه المواقع التي تحولت إلي التنافر والتناحر الاجتماعي من زاوية أخري وهي حرية التعبير والرأي التي تنص عليها كل القوانين والاعراف الانسانية باعتبارها حقا اساسيا من حقوق الانسان لأنه بدونها يتحول المجتمع إلي سياسة القطيع الذي يسير خلف حاكميه دون أن يكون له الحق في تقرير مصيره أو مستقبله.
كانت حرية الرأي والتعبير والنقاش من القواعد الانسانية التي أسس من اجلها زوكربرج موقع فيس بوك حيث كان يتبادل الآراء مع أصدقائه الأربعة إيدواردو سيفرين واندرو ماك كولم ودوستين موسكو فيتش وكريس هيوز الطلبة في جامعة هارفارد الأمريكية في كاليفورنيا.
كان الأصدقاء الخمسة يتبادلون الآراء العلمية الخاصة بالجامعة في بداية تأسيس الموقع بين هذا الخماسي فقط عام 2004 ثم تحول الأمر إلي حوار جماعي لكل طلبة الكلية عام 2005 قبل أن يتحول فتح الحساب إلي كل أنحاء العالم من عام .2006
والحقيقة ان هذه المواقع وعلي رأسها فيس بوك وفرت مناخا خصبا لحرية الرأي والتعبير في العالم لم يكن مألوفا في الكثير من أنحاء العالم التي لا يتوافر فيها عناصر الديمقراطية ولا يسمح فيها الحكام بأي معارضة.
ولكن ما إن انتشرت هذه الوسائل في منطقة الشرق الأوسط بصفة عامة ومصر بصفة خاصة إلا وتحولت إلي وسيلة صاخبة يتم فيها كل أنواع السب والقذف والنهش في الاعراض والأمور الشخصية الخاصة كما حدث في الفترة الأخيرة في مجال الرياضة عندنا الذي يفترض أن يكون مجالا لسمو الأخلاق.
المفترض أن يعبر كل شخص عما يجول في خاطره بحرية عن طريق بوست يضعه علي حسابه ثم يقوم أصدقاؤه أو من حوله بالتغيير.. فإما أن يتفقوا معه في الرأي بإشارة "لايك" أو يختلفوا معه في الرأي باحترام ويضع كل منهم رأيه الشخصي في هذا البوست أو في تلك القضية أو أن يسجل آخرون أفكارا جديدة.
كل هذا لا يحدث وانما يتحول الأمر فجأة إلي منافسة في السباب والشتائم بأفظع الألفاظ التي يقشعر لها البدن وما عليك إلا أن تغادر إذا كان لديك الحد الادني من الاحترام.. وانظروا ما حدث في قضية الفنانة ميريهان حسين مع ضابط الشرطة كنموذج لكيفية تحول الفيس بوك إلي موقع للتناحر والتنافر الاجتماعي في مصر.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف