الصباح
كمال الهلباوى
مشكلة التيار الإسلامى والحل المقترح 1-4 بالتفاصيل.. هذه خطايا الإخوان فى السلطة
>>التردد فى القسم أمام المحكمة الدستورية ومحاولة الاكتفاء بميدان التحرير
>>محاصرة مدينة الإنتاج الإعلامى.. ورفع شعارات «يامرسى إدينا إشارة وإحنا نجيبهم لك فى شيكارة»
>>تقريب أهل الثقة من الإخوان وإهمال الكفاءات
السلبيات أيّا كانت فى أى عصر ومصر «مقرفة»، حتى باللغة المصرية الدارجة ومنها السياسية. وأهرب منها أحيانًا - كى لا يكتئب الإنسان - كما يهرب منها آخرون، ولذلك فإننى أتمنى أن يكرس فريق من المفكرين والمثقفين من جميع الاتجاهات نقد اتجاهاتهم السياسية وأدائهم، وسلوك أعضائها والمنتجين لها، والتقويم الشامل للأداء فى مصر، حتى تكون المراجعة شاملة طولًا وعرضًا، وكذلك رأسًا وأفقًا. وقد بدأت بنفسى ذلك بشأن التيار الاسلامى من الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية والجهاد والسلفيين وغيرهم، بشتى توجهاتهم حتى التكفيرية منها. بدأت مستعينًا بالله تعالى ثم بعض الخبراء والمتخصصين والشباب، ولو جاء هذا العمل ملخصًا فى المرحلة الأولى.
لاشك أن مصر الدولة وليس النظام فقط، لاتزال تواجه عدة تحديات خطيرة فى الداخل ومن الخارج، وهى فى طريقها إلى الاستقرار، والسعى لتحقيق التحرر من تلك التحديات، ولكن - كما نعلم - فإن الاستقلال له ثمنه، وأحيانا يكون الثمن باهظًا، وهذا كله يتوقف على الفهم ثم التشخيص ثم العلاج.
من تلك التحديات بالغة الخطورة ما يقوم به، أو يدعو إليه، بقية ما يسمى بتحالف دعم الشرعية بقيادة الإخوان ومن يعضدهم، بعد عزل رئيسهم مرسى، الذى فشل على مدى سنة كاملة، فى أن يكون رئيسًا للمصريين جميعًا، بل ظل رئيسًا للأهل والعشيرة، تلك المدة، حتى إزاحته بثورة 30 يونيو، التى فسرها الرجل ومن معه تفسيرًا غير دقيق بأنه انقلاب، وهذا مما يزيد الانحراف عن الجادة، ويقطع الطريق أمام الراغبين فى الحلول الصحيحة. تلك الخطورة أو تلك التحديات التى تبناها بعضهم بعلم أو غير علم، وبعضها تتمثل فى تشويه صورة مصر فى الخارج، وتضخيم التجاوزات والسلبيات القائمة فى مصر، وبعض انتهاكات حقوق الإنسان، والوقوع فى أيدى القوى الأجنبية التى لا تريد لمصر ولا للمنطقة خيرًا، فيثقون فى تلك القوى بما يمدونهم به من إعلام وأموال وخلافه. ومن الأخطاء الكارثية خلف الوعد والعهود التى وعدوا بها الشعب وعاهدوهم عليها.
أقول لاشك أن الإخوان المسلمين ومن معهم أو ليس معهم - حاليًا - من التيارات الإسلامية، ومن وافقهم وهم فى الحكم على ما فعلوه، ارتكبوا أخطاء مشينة وهم فى الحكم، ثم ارتكبوا أو وافقوا على جرائم فادحة أو غضوا الطرف عنها، بعد عزل مرسى، ذلك العزل الذى طالبت به ثورة 30 يونيو مهما قيل عن محركاتها وبواعثها، بعد فشل الإلحاح على تحقيق المصالحة الوطنية أو التوافق على محاور العمل الوطنى بما يعلى مصلحة الوطن، أو مكافحة البلطجة وأعمال الشغب أو معالجة الأزمات أو قبول تغيير الحكومة أو إجراء انتخابات رئاسية مبكرة. وكثير ممن خرج فى تلك الثورة يطالب بذلك العزل، كانوا أصلًا ممن صوتوا فى صالح مرسى والإخوان المسلمين أو التيار الإسلامى كله فى الانتخابات الرئاسية، وخصوصًا فى انتخابات الإعادة .
باعد الإخوان بأخطائهم بينهم وبين قطاع عريض يمثل الأغلبية العظمى من الشعب، ولأول مرة بهذه الفداحة فى تاريخ الإخوان المسلمين الطويل.
تشمل تلك الأخطاء الفادحة من البداية، التردد فى أداء القسم أمام المحكمة الدستورية العليا اكتفاءً بالقسم فى ميدان التحرير، الذى كان الإخوان أول من أداروا له وللثورة ظهورهم، ثم محاصرة المحكمة فيما بعد، والهتافات العنيفة الإرهابية « يامرسى إدينا إشارة نجيبهم لك فى شيكارة»، ومحاصرة مدينة الإنتاج الإعلامى على ما فيها من سوء وشطط، ثم تقريب أهل الثقة حتى من الإخوان فقط، وإهمال الكفاءات المصرية الكبيرة، من غير الأهل والعشيرة، والإعلان الدستورى التحصينى للأخطاء فى نوفمبر 2012، ومن قبله الدستور المعيب، الذى زعم خطأً فى المقدمة، أنه دستور الثورة، ثم القراءة الخاطئة للواقع، حيث نظروا إلى 30 يونيو أنها زوبعة فى فنجان ثم فوتوشوب. والذى لايقرأ الواقع قراءة صحيحة، لايمكن أن يبنى مستقبلًا واعدًا لنفسه ولا للوطن ولا للأمة العربية ولا الإسلامية ولا يبنى الخلافة التى يزعم السعى إليها، بل إنه يقود إلى كوارث له ولغيره.
ومن تلك الأخطاء الفادحة ضعف معالجة أو مواجهة إرهاب سيناء، والدعوة الرئاسية «المرسوية» أو «الشاطرية» أو «البديعية»، إلى الحفاظ على حياة الخاطفين للجنود والمخطوفين، ومنها ضعف الوفاء بالوعود، والدخول فى صراع مع بعض مؤسسات الدولة، وتعميق الانقسام فى المجتمع، والخطاب المشين إلى بيريز، وإهمال الحوار الوطنى الصحيح، وخطيئة مؤتمر سد النهضة السرى المعلن على الهواء. كان اعتصام رابعة والتحالف من أكبر الكوارث لتقديم العاطفة على العقل، وإثارة الفوضى، ناهيك عن فتاوى الاستقواء بالمجتمع الدولى ضد الوطن، ودعوة إقحام الوطن فى قضية سوريا المعقدة تحت زعم الجهاد. وتقريب التكفيريين والقتلة ممن لم تؤثر فيهم المراجعات الفكرية والفقهية من أمثال المكفراتى عاصم عبدالماجد.
كان من نتيجة ذلك كله وغيره من الأخطاء، أن قيادات الإخوان من منهم فى السجون اليوم، أو من هرب منهم أو من انكمش، كانوا، لا يستطيعون السير فى الشوارع فى المدن الكبيرة خصوصا دون حراسة، ثم جاء وقت لا يستطيعون السير فى الشوارع حتى بحراسة وهم فى السلطة، ولم يفهموا انصراف الشعب عنهم، وتراجعت الدعوة، وتغلبت فكرة السلطة والإقصاء والمغالبة على المشاركة، بما يخالف ماكانوا ينادون به من قبل مع نظام الرئيس المخلوع أو المتنحى الفاسد، وما رفعوه آنئذٍ من شعار، المشاركة لا المغالبة.
كل هذا وغيره قائم، وهو بلا شك يخالف المنهج الوسطى فى الدعوة، وإقامة العدل بين الناس جميعًا، والسعى نحو إقامة الحكم الرشيد، الذى كان يحلم به الشعب من وراء حكم الإخوان والإسلاميين، ولكن كل هذا وغيره، اتجه ناحية أخرى، فيما عجَّل ذلك بالثورة ضدهم. وللحديث صلة إن شاء الله تعالى. والله الموفق.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف