الوفد
عباس الطرابيلى
هموم مصرية .. و«عبدالناصر»: هل كان مدنياً؟
إلي العائدين من المجهول أسألهم- وهل كان جمال عبدالناصر مدنياً- أم كان عسكرياً- هو وكل أعضاء مجلس قيادة الثورة.. حتي محمد نجيب نفسه الذي رفعوه- ونحن معهم- علي الأعناق، ألم يكن عسكرياً؟ وكان مديراً لسلاح المشاة، حتي ان الانجليز أطلقوا عليه وعلي نظامه اسم «حكومة البكباشية» والبكباشي رتبة عسكرية هي اليوم رتبة «المقدم» وكان معه- في نفس الرتبة: أنور السادات، وزكريا محيي الدين وحسين الشافعي.. يليهم: في رتبة الصاغ أي الرائد: صلاح سالم وخالد محيي الدين وعبدالحكيم عامر وكمال الدين حسين.. ومن كان منهم في القوات الجوية من رتبة قائد جناح أو قائد أسراب وهي تعادل رتبة المقدم أو الرائد! ألم يكونوا كلهم.. من العسكر؟! ومنهم عبداللطيف البغدادي، وجمال سالم، وحسن إبراهيم.
<< قد يقول العائدون من المجهول المطالبون بالحكم المدني.. ومنهم من يهتف بسقوط حكم العسكر.. قد يقولون إن الظروف الآن.. غير الظروف أيامها.. ولكنني أرد: إن الحكم.. وان الحكومات هي هي حتي وان تغيرت السنوات، والظروف.. فما الحكومات إلا من ينظم حكم الشعوب.. أم انه حلال لـ«الناصريين».. حرام علي غيرهم.. أم- كلهم- نسوا كيف كانت السياط في أيدي حكامهم زمان من حرير.. وسياطهم الآن ان وجدت من حديد.. أم نسوا حمزة البسيوني وسجون القلعة والوادي الجديد.. وهل يجرؤون أن يذكروا لنا كم كان عدد المعتقلين أيام الحكم «الناصري» مقارنة بعدد السكان.. وأكثرهم دخلوا المعتقلات بدون محاكمات.. ومن كانت تنتهي عقوبته.. لم يكن يخرج أبداً للنور بأوامر اعتقال كانت جاهزة في أيدي زبانية النظام «الناصري».
<< ويدعي تلاميذ «الناصرية» ان «عبدالناصر» اضطر إلي عسكرة الوزارات الهامة، وكل المواقع الرئيسية في الحكم.. حتي انه نفسه- جمال عبدالناصر- وفي حكومة محمد نجيب الثانية في 18 يونية 1953- أصبح نائباً لرئيس الوزراء ووزيراً للداخلية.. وأصبح عبداللطيف البغدادي وزيراً للحربية وصلاح سالم وزيراً للإرشاد القومي.. ثم دخلها جمال سالم للمواصلات وزكريا محيي الدين للداخلية بعد احتفاظ «ناصر» بموقعه نائباً لرئيس الوزراء ثم دخلها كمال الدين حسين وزيراً للشئون الاجتماعية.. وهكذا توالي دخول العسكر إلي الحكومات المتعاقبة، ولم يتحمل «عبدالناصر» وجود «المدنيين» في المواقع الرئيسية الحكومية.. واستمر الوضع كذلك حتي وجدنا من العسكر من أصبح رئيساً للوزراء ولو تحت مسمي رئيس المجلس التنفيذي مثل كمال الدين حسين في سبتمبر 1960، ثم علي صبري رئيساً للوزراء في سبتمبر 1962 ثم زكريا محيي الدين رئيساً في أكتوبر 1965 وصدقي سليمان رئيساً في سبتمبر 1966، ألم يكن كل هؤلاء من العسكر حتي ان «عبدالناصر» عاد رئيساً للوزراء عقب هزيمة يونية 1967.
وهل نكتفي بكل هذه الأمثلة أم نتحدث أيضاً عن حكومة اعداد مصر لحرب التحرير بحكومة يرأسها «السادات» نفسه وكان الدكتور «حاتم» نائباً له وكان هو من يدير الحكومة كلها.. وممدوح سالم الذي رأس خمس حكومات من عام 1975 وحتي أكتوبر 1978.
<< وإلي مهاويس «يسقط حكم العسكر» كيف تحملوا حكومات نصفها علي الأقل من العسكر.. أقول ذلك رغم انني لست ضد تولي أي عسكري أي منصب وزاري.. أو أي موقع حيوي آخر.. إذ رأينا من هؤلاء العسكر أيام الحكم «الناصري»، و«الساداتي»، من أجاد عمله خير إجادة وفي مقدمتهم محمود يونس وصدقي سليمان وممدوح سالم.. عبوراً بـ«البغدادي» صاحب العصا السحرية علي القاهرة وصلاح هدايت صاحب المشروع النووي وكمال رفعت الفدائي نصير العمال.. وسعد زايد بطل معركة خلو الرجل!
<< ثم.. هل رأي هؤلاء ما أنجزه العسكر في مواقع مدنية عديدة من الطرق والموانئ.. هل ننسي الفريق أحمد شفيق- قائد القوات الجوية- صاحب اليد الكبيرة في تطوير المطارات المدنية المصرية، التي أعادتنا إلي حظيرة الدول المحترمة.. بالمطارات الحديثة التي نفذها.
<< أم هم «مجرد هتيفة» بل ما هو البديل الآن.. ولفترة طويلة قادمة تلك هي المعضلة الكبري.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف