التحرير
ناصر عراق
رصاصات البيان الأوروبي
إذا لم ينتبه النظام إلى أنه في مأزق شديد، وشديد جدا، فلا أظن أن مستقبله مشرق، ولا أتوقع له الاستمرار في أجواء آمنة، لا داخليا، ولا خارجيا.

لقد جاء البيان الأوروبي ليفضح ممارسات حكومتنا المصرية في مجال حقوق الإنسان، ويعري نظامًا لم يدرك لغة العصر، ولم يعِ أن العالم في عام 2016 غير العالم قبل عشر أو عشرين سنة تمامًا، فلا يعقل أن يسكت أحد في أوروبا على جرائم التعذيب أو الاختفاء القسري أو التضييق على المنظمات الحقوقية أو تكميم الأفواه -كما جاء في البيان- بحجة محاربة الإرهاب، أو بزعم أن الدولة في خطر!
أجل... ارتكب النظام حماقات بلا نهاية في العامين الأخيرين، وفاقم من استعداء طبقات كثيرة آمنت به في البداية والتفت حوله عن قناعة وبصدق، لكن يبدو أن المسألة ليست محاربة الإرهاب فقط وجماعاته الغبية كما يدّعي النظام وإعلاميوه، وإنما تركيع شعب ثار وانتفض مرتين ليطيح بطاغيتين، وإلا ما معنى أن يظل آلاف الشباب المسالم في السجون بتهم ساذجة؟ وما معنى أن ترتفع أسعار الغاز والكهرباء والمياه بصورة كبيرة في الأيام الأخيرة، قتزداد حياة الملايين -المتدهورة أصلا- تدهورًا؟!

وفي الوقت نفسه يتم تخفيض أسعار الغاز لمصانع الحديد الخاصة بالرأسماليين الكبار حتى يحافظوا على أرباحهم الطائلة كما هي أو يراكموا منها المزيد؟
هل الحكومة لا تدرك أنها بذلك تسهم في تأجيج الصراع الطبقي؟ هل لا تعلم أنها حكومة لا تعبر عن مصالح الغالبية من الطبقات الفقيرة والمتوسطة، ولكنها تمثل مصالح الفئة بالغة الثراء وتحمي رجالها بقراراتها الظالمة للبسطاء؟

المثير للسخرية المُرة أن يزعم بعض المحسوبين على الحكومة أن أعضاء البرلمان الأوروبي مجموعة من المرتشين الذين أخذوا فلوسا من الإخوان ليصدروا هذا البيان؟ وهو زعم بائس يكشف إما عن جهل من نطق به، وإما عن استخفافه بعقولنا، فهل وصلت جماعة الإخوان إلى هذه القدرة الخارقة لتؤثر في البرلمان الأوروبي؟

الحق أنني لا أستبعد أن يرفع هذا البرلمان دعوى ضد صاحبنا يتهمه فيها بالسب والقذف والتشهير في حق أعضائه!
يا نظامنا السياسي... يا حكومتنا غير الرشيدة... الداء في الداخل... الداء ينخر في عظام الشجرة المصرية... وما رصاصات البرلمان الأوروبي إلا تعبير عن أوضاع مختلة فاحت رائحتها حتى طالت الشاب الإيطالي جوليو ريجيني فقتلته في ظروف غامضة، وما السخط العام الذي يتمدد في شرايين الشعب إلا بداية لخطر ماحق تلوح بوادره في الأفق.... فهل يتعظ النظام، أم سيفعل مثلما فعل كل الذين أخفقوا في قراءة المزاج العام للجماهير؟
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف