التحرير
أحمد الصاوى
الرئيس المُخطىء.. مع تحيات أحمد موسى
الرئيس أخطأ.. هكذا وصل الإعلامى أحمد موسى بالأمس، فى تعليقه على إقالة احمد الزند وزير العدل، محيطاً استنتاجه ببكائية تلفزيونية على المُقال، وعلى ما اعتبره غدر به وتربص مسبق، بل وتآمر منذ لحظة تعيين الرجل فى موقعه كوزبر للعدل، حيث اعتبر إن تعيينه كان مقدمة للإطاحة به.

تحدث موسى عن الزند بتأثر موجهاً انتقاداته للجميع، خاصة أولئك الذين باعوا "أسد القضاة" الذى خاض المعركة مع الإخوان، قال بوضوح إنه وقت أن كان الزند يواجه الإخوان "كنتم" تعملون معهم وتصلون خلفهم، لم يسم موسى من قال لهم "كنتم"، لكن أبسط المعلومات المتاحة تقول إن الرئيس السيسى من أكثر المسئولين حالياً صلاة خلف الإخوان، وقت أن كان وزيراً للدفاع، وهى صلاة ظلت الجماعة تتحاكى بها وبصدقها وخشوعها والدموع التى كانت تظهر فيها.

هل كان موسى يقصد الرئيس فعلاً بهذه "المعايرة"؟

لست متأكداً.. ما هو أمامك نص تلفزيونى يمكن أن يخضع للتأويل حسب المنطقة التى تجلس فيها سياسياً، لكن المؤكد أن موسى الذى يجلد كل مختلف مع الرئيس أو ناقد بسياط الخيانة والعمالة والطابور الخامس، قال إن الرئيس أخطأ، وألمح كذلك إلى أن الرئيس نسج للزند مؤامرة، إذا كان قال إن البعض حذر الزند من قبول الوزارة لأنها مقدمة للإطاحة به، ومن يُعين ويطيح هو الرئيس، إذاً فقد خطط الرئيس للتخلص من الزند منذ اللحظة الأولى التى اختاره فيها وزيراً للعدل.

دعك من حديث المذيع المهم على الهواء مباشرة أن الدولة تُدار بـ"المزاج" وأن هناك نحو 200 قاض "شريف" فى منزل الزند حالياً للتضامن، ودعوته للقضاة للوقوف خلف الوزير، ولا تحاول أن تفسر ذلك أنه تحريض على الدولة ومؤسساتها، ومحاولة للزج بالقضاة فى فتنة وخصومة مع الحكومة ومؤسسة الرئاسة، وغير ذلك من مصطلحات الإتهام التى تسمعها حصرياً فى برنامج أحمد موسى، وتعال لتنتاقش بهدوء ودون تربص مسبق فيما هو مؤكد من قول موسى أن الرئيس أخطأ.

قد يرى المواطن إذن أى مواطن أن الرئيس يخطىء، فالرئيس بشر، وكسائر البشر من حق أحمد موسى أن يجد فى قرار ما خطأ ما حسب منطلقاته فى رؤية هذا القرار أو تحليله.

هنا يمارس أحمد موسى حقه المطلق فى تأييد قرارات الرئيس وسياساته أو معارضتها والاختلاف معها أو تأييد بعضها والاختلاف مع البعض الاخر، ومن حقه أن يمارس هذا الحق دون أن يخونه أحد أو يتهمه بأنه انقلب على الرئيس أو يتآمر عليه، أو أن ولاؤه لأشخاص وليس للدولة التى قال مراراً أنه يدعمها، حتى إن كان قد قال إن كل الذين فرحوا بغقالة الزند "خونة".

هذا هو السياق الطبيعى لأى نقاش عام، لكن هل منح موسى غيره ذات الفرصة؟

هل اعتبر يوماً أن الاختلاف مع الرئيس أو معارضته أو حتى تخطيئه حقاً لأى مواطن، أم إنه استغل مساحته الإعلامية

لتشويه كل مختلف مع سياسات الدولة والرئيس على رأسها، وتخوينه وتصنيفه وإلحاقه بمعسكر الإرهاب والعمالة؟

هذا هو محور النقاش الذى يجدر الخروج به من بكائية موسى التلفزيونية على الزند. يمكن أن ترى الرئيس مخطئاً كما يراه أحمد موسى، وأن تختلف معه تحت مظلة الدستور والقانون، وأن تجهر برأيك فى الاختلاف، ولا تجد كلفة لرأيك غير رأى مضاد يدحض ما تقول أو يعرض وجهة نظر مغايرة، دون اغتيال معنوى يستمد نفوذه من منظومة فى الدولة دأبت على تجاوز الدستور والقانون، ثم ادعاء ولاؤها للدولة الوطنية وحرصها عليها وعلى مؤسساتها بينما تُهين الدستور الذى يمنح هذه المؤسسات صلاحيتها وشرعيتها.

يعتقد إذن أحمد موسى أن الرئيس "الذى يستخدم حقه وصلاحياته بمشاركة رئيس الحكومة فى تعيين وإعفاء الوزراء" أخطأ، ويمكن الرد الهادىء عليه بتذكيره بما يمنحه الدستور للرئيس من صلاحيات، وبالوضع الدستورى لموقع الوزير، ويعتقد كثيرون أن الرئيس يخطىء أيضاً فى قرارات متعلقة بالسياسات العامة الإقتصادية والأمنية والحقوقية، فمتى

يأتى اليوم الذى يناقشهم فيه أحمد موسى بذات الهدوء بالتعرض لما يطرحون من أفكار وليس لحيواتهم الشخصية واتصالاتهم الهاتفية، ودون رميهم باتهامات لم توجه لهم من أى جهات قضائية؟ خصوصاً أن موسى يعرف فعلاً أن الرئيس يخطىء، حتى لو اختلفنا معه فيما يعتبره خطأ، وفيما نعتبره نحن صواب، أو تصحيح لخطأ.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف