الوفد
علاء عريبى
رؤى -على هامش إقالة الزند
أزعجني بشدة التصريح الذي أدلى به القاضي المسئول عن إدارة الإعلام في وزارة العدل للعديد من القنوات الفضائية بعد قرار عزل المستشار أحمد الزند من منصبه، قال فيما معناه إن العديد ربما أغلب القضاة الذين عملوا مع الزند فى الوزارة(قيل 250 قاضيا) سوف يتقدمون بطلبات لإلغاء انتدابهم احتجاجا على قرار إقالة الزند، مؤكدا أنهم كانوا يعملون من أجل الزند كرمز وقامة لهم.
المزعج في هذا التصريح ليس فى رحيل القضاة الذين سبق وانتدبهم الزند للعمل معه بالوزارة، فهناك المئات من المحامين الكبار والصغار يمكن الاستعانة بهم لتسيير العمل بكفاءة كبيرة فى الوزارة، ويمكن كذلك دفعهم للجلوس على منصات القضاء، بل إن المزعج فى الأمر هو التكريس للشللية والعنصرية في آن واحد، فالقاضي يرى أنهم لا يعملون من أجل خدمة المواطن والوطن، بل لأجل الزند، فالوطن هنا ليس له أولوية ولا حتى المواطن، وأذكر أن الإعلامي وائل الإبراشي حاول أن يميز معه بين خدمة الوطن وحبهم للزند، لكن القاضي أصر على موقفه وأخذ يعدد فى مميزات وصفات وحسنات ومواقف الزند، قد تكون للزند مواقفه وحسناته التى لا يمكن أن ننكرها، لكن فى النهاية الزند ليس أكبر من الوطن وكذلك من يعملون معه، وعندما نتحدث عن الوطن والمواطنين نقف جميعا احتراما وتقديرا، لأننا جميعا نعمل فى خدمة المواطن.
المؤسف أن هذه النوعية من الفكر كانت سائدة فى بعض أو اغلب من يحيطون بالمستشار الزند، وقد سبق وذكرت قبل شهر واقعة تؤكد هذا الفكر، عندما قام مراقبان من الجهاز المركزى للمحاسبات بزيارة وزارة العدل لفحص الحد الأعلى للأجور، قوبلا بوابل من الإهانة والسباب لأنهما حاولا أداء عملهما، ليس هذا فقط، بل إنهما فوجئا بأن وزارة العدل أصبحت مثل الوادى المقدس طوى، منطقة مقدسة، ومن يعملون بها يتمتعون بصفة وحصانة التقديس، لمجرد أنهما قالا بعفوية شديدة لأحد المستشارين من مساعدى الوزير: نحن جميعا موظفون فى الدولة، تم احتجازهما وإهانتهما وتعنيفهما، وقال لهما أحد المستشارين(حسب رواية أحد المراقبين): أنتم ازاى تتجرؤا وتدخلوا الوزارة، وكمان تتطاولوا على عضو فنى فيها وتقولوا له: كلنا موظفين فى الدولة، أنتم مش عارفين إنكم فى منطقة مقدسة، وفى مكان محرم».
بعد يومين من هذه الواقعة راسلني أحد المراقبين بالجهاز المركزي، وسألني: هل القضاة أكبر من الوطن؟، أليس هم موظفين مثلنا فى الدولة ؟، وكتبت عن الواقعة وطالبت بالتحقيق فيها، لأنها تعد اعتداء على موظف أثناء تأدية عمله، وطالبت كذلك بأن لا يعاقب العاملون فى الجهاز المركزي بسبب خصومة الزند مع رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، وكان من الطبيعي عدم الالتفات لمطلبنا هذا، لأن بعض العاملين فى الوزارة وبعض من يجلسون على منصة القضاء يظنون أنهم أكبر من الوطن، وأن ذواتهم مقدسة، وأماكن عملهم وسكنهم مثل الوادي المقدس طوى محرمة على المواطنين.
من المؤكد أننا لسنا فى حاجة لهذه النوعية من القضاة المقدسين، ولا فى حاجة إلى القضاة الذين يتوهمون بأن ذاتهم أكبر من الوطن ومن القانون ومن المواطنين.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف