المساء
فتحى حبيب
اللهم بلغت -زواج التموين برجال الأعمال
معظم النار من مستصغر الشرر.. ومعظم حرائق الوطن الآن إن لم تكن جميعها كانت صغيرة مثل عقب السيجارة يمكن لأي مسئول إطفاؤه بحذائه.. ولكننا نتفنن في ترك المشكلات حتي تتفاقم وتتضخم وتخرج عن السيطرة وتتحول إلي مادة ثرية لفضائيات التسخين والنفخ في النار وتشويه كل إنجاز جميل.
معظم القيادات تدير أمور الدولة بنفس فكر الماضي العقيم.. كل شيء تمام علي الأوراق بينما الواقع أليم.. ولو ترك المسئول مكتبه الفخيم وتجول وسط المواطنين واستمع برحابة صدر إلي مشاكلهم لتغيرت الصورة تماماً علي أرض الواقع ولكنه العناد والمكابرة واللامبالاة علي حساب دولة تنطلق الآن بقوة لوضع أقدامها وسط الكبار.
المسئول سواء كان وزيراً أو محافظاً يحيط نفسه بشلة من أهل الثقة علي رأسهم متحدث إعلامي يدافعون عنه بكل قوة واستماتة.. الأخطاء تكون واضحة مثل الشمس ويراها كل الناس إلا "بطانة السوء" التي تتفنن في قلب الحقائق ـ لشيء في نفس يعقوب ـ ورغم ان المشكلة تبدو صغيرة وعلاجها لا يكلف الدولة شيئاً فلا نجد سوي المكابرة حتي تتفاقم وتخرج الأزمة عن السيطرة.
و لا أعرف سر مكابرة وزارة التموين مع البقالين والضجة المثارة حول السلع البديلة لنقاط الخبز.. وهل انتهت وزارة التموين من كل الملفات المكلفة بها وقررت أن تتفرغ للاشتباك مع البقالين التموينيين.. ليخرج علينا الوزير أو المتحدث باسمه يؤكدان توافر جميع السلع ـ علي خلاف الحقيقة ـ وأن الوزارة طرحت سلعاً إضافية وعديدة بالاتفاق مع شركتي الجملة لصرفها للمواطن البائس اليائس بدلاً من نقاط الخبز وأنها بسعر أقل من السوق زاعمة أن البقال كان يستغل المواطنين ويشتري سلعاً ويصرفها لهم مقابل نقاط الخبز محققاً أرباحاً علي حسابهم.
الحقيقة التي أظن أنها ليست بعيدة أن قرارات "حنفي" تسببت في غضب المواطنين خاصة في الريف لنقص السلع الضرورية وعلي رأسها الزيت والسكر والأرز وارتفاع أسعارها في التموين عن السوق.. فمثلاً كيلو السكر في التموين بـ 5 جنيهات وفي السوق يتراوح بين 4 و5.4 جنيه وزجاجة الزيت بـ 10 جنيهات بينما في التموين بـ12 جنيهاً.. أما سعر كيلو الأرز فقد قفز فجأة إلي 7 جنيهات بسبب سياسات وزير التموين الخاطئة وانحيازه إلي رجال الأعمال والاستجابة لضغوطهم بتصديره إلي الأسواق الخارجية.
لا أحد ينكر دور وزير التموين في توفير الخبز للمواطنين ـ وان كان أصحاب المخابز قد تلاعبوا في وزن الرغيف ـ ولكن رؤية الوزير لاحتياجات البسطاء ومحدودي الدخل مازالت ضبابية.. الأسعار في ارتفاع مستمر.. وأنصار الإرهابية يضخمون الأحداث مهما صغرت.
لا أجامل إذا كررت القول إن الرئيس يشعر بنبض الشارع وهمه الأول توفير احتياجات البسطاء والفقراء واجتماعاته المتكررة مع الوزراء أكبر دليل علي ذلك.. فتفاعل يا وزير التموين مع توجيهات الرئيس ووفر السلع للبسطاء وكفي انحيازاً للأغنياء ورجال الأعمال.
.. واعلم أن محددوي الدخل هم خط الدفاع الأول عن الدولة ويدركون إنجازات الرئيس ولن يستجيبوا أبداً لمخططات الجماعة الإرهابية والنشطاء والفوضويين والبرادعية وصباحي وداود.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف