الأهرام
علا مصطفى عامر
توبة المستشار الزند!
يحدث أحيانا أن تقابل شخصا لا يستطيع أن يتكلم دون أن يتطاير من لسانه حصى مدبب تصيبك سنونه بجروح منها ماهو سطحى يمكن مداواته ومنها ما يصيب الأعماق، على المستوى الشخصى الناس تنفر بشدة من هذه النماذج وتتحاشاها.
وعلى المستوى العام كذلك، بل يكون الأمر أشد وأخطر لأن العلاقة بين المسئول والمواطنين ليست علاقة اختيارية مبنية على مزاج وهوى المسئول، بل تقوم ــ بالإضافة لمراعاة صالح الشعب ــ على مراعاة مشاعره وثوابته وقيمه الأخلاقية والدينية الشائعة، فلايصح أن تتطاير الكلمات لتسم بدن شعب أغلبه يشقى كثيرا من أجل قوته وقوت عياله، ولا يكفيه بأى حال جنيهان لشراء الخبز الحاف !
فلا يصح أن نجلده نفسيا ــ وهو يجلد كل يوم بمرور مختنق وغلاء طاحن وفواتيرشهرية ودروس خصوصية ـــ بكرباج العبودية ولا أن نجعله يربى أولاده على أن لا أمل فى الوظائف القضائية، ولا أن نرهبه لأن له إبنا تم تصنيفه على أنه إرهابيا، فنضيف لوجع قلبه وجع محاكمته هو شخصيا، ولا أن نحتسب النفس الواحدة مقابل أضعاف مضاعفة !
لقد فعل المستشار الزند وقتما كان وزيرا للعدل كل هذا وأكثر، وكان الذى زاد الطين بلة جريمة ضرب المثل السئ بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أشرف الخلق أجمعين.
وفى رأيى كل ماسبق بعيد تماما عن الشرع والفقه الذى لابد أن مر به أى دارس للأزهر، فالدين لايزر وازرة وزر أخرى أبدا، ولا يقضى بالقصاص إلا بقاعدة النفس بالنفس، ولا يفرق بين الناس على أساس لون اومنصب أوجنس، والكل ـ قضاة وأطباء وصحفيون وكناسون وعمال مجارى ــ عبيد لله يتمايزون بعملهم وأخلاقهم وتقواهم.
لقد إمتلأت صدورنا بالحصى المتلاحق، وكان أخطرها مامس شغاف القلب ومكمن العقيدة، وهو أمر لا يجدى فيه كثيرا الإعتذار، أما "التوبة" التى سارع بعض المشايخ بتذكيرنا بها وهو يتنقل بسرعة البرق من منبر إعلامى لآخر، فليس مجالها الحياة السياسية والمجتمعية، فأنا لايحق لى أن أسب شخصا ثم يكون عليه لزاما أن يقبل إعتذارى، وإلا ماكانت المحاكم تشتعل بقضايا ندم أصحابها على أفعالهم كثيرا، التوبة يا مشايخ وأنتم حتما تعلمون ذلك تكون عندما يعود المسئول أو أى شخص آخر إلى بيته ويفترش سجادته مستغفرا وباكيا طالبا للعفو والسماح، وهذا أمر لا شأن لنا به، ولا يخصنا إذا كانت التوبة قبلت فى التو والحال أم تم تأجيلها لمزيد من الندم والإستغفار! ألم نعان من قبل من خلط الدين بالسياسة ! رجاء لا تحدثونا عن قيام المسئول المخطئ ليلا، ولا تلاوته للقرآن نهارا، ولا حبه للنبى صلى الله عليه وسلم الذى يملأ كيانه، هذا لن ينفع الشعب بشئ ولا فائدة ترجى من بيانه، ماينفعنا قول وفعل يصب فى صالح العدالة، وألفاظ تنتقى بعناية عند التحدث فى منبر نسمعه فلا تؤذى مشاعرنا ولا يضرب المثل السئ برسولنا، ولا تتحطم الآمال فى مستقبل أفضل لنا ولأولادنا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف