أعرف أن البعض قد يتعجب من ذلك العنوان الذى اخترته هذه المرة.. والذى قد يشى بنفاق ومداهنة أكثر من كونه يعبر عما أعنيه بالفعل.. ولكننى قررت أن أتحلى بشجاعة المواجهة.. لأكون أميناً فى واجبى نحو هذا الوطن.. ولكى أحترم نفسى أولاً.. قبل أن يحترمنى الآخرون!
الأمر واضح لا لبس فيه.. فالتقصير الذى نجده فى معالجة الحكومة والنظام للكثير من الملفات يجعلنا جميعاً نشعر بإحباط مستمر.. يزداد يوماً بعد يوم بتصرفات غير مسئولة من البعض الذين يحسبون أنفسهم على النظام.. حتى وصل الأمر أن أصبحت الصورة قاتمة أمام الكثيرين.. والأمل فى غد أفضل ربما لم يعد متاحاً حتى من بعض مؤيدى النظام الحالى!
المشكلة أن الصورة ليست بهذا السوء بالفعل.. فهناك العديد من الملفات التى نجح فيها النظام أيضاً بالتزامن مع تلك الإخفاقات.. ولكن يبدو أن أحداً لا يعرف عنها شيئاً.. وفقدان الثقة بين المواطن والأبواق الإعلامية المنتمية للنظام قد جعلته لا يصدقهم.. بل لا يسمع لهم من الأساس!
فى البداية ينبغى أن نعترف مثلاً.. أن زيارة السيد الرئيس الأخيرة لكوريا واليابان وكازاخستان ربما تكون من أنجح الزيارات الخارجية التى قام بها سيادته منذ بداية توليه المسئولية.. فقد نجح فى أن يفتح خطوطاً مباشرة للطيران مع كازاخستان.. والتى ستصبح باباً خلفياً لاستعادة السياحة الروسية التى توقفت بعد حادث الطائرة.. وأضرت ذلك القطاع المهم وبشدة! بالإضافة إلى اتفاقيات مهمة تم توقيعها مع الجانبين الكورى واليابانى.. والتى -إن نجحنا فى تنفيذها بمعزل عن البيروقراطية الحكومية المستفزة- ستصبح فتحاً جديداً لاستثمارات عديدة فى مصر خلال الأعوام المقبلة!
الطريف أن الناس قد انشغلت طوال فترة الزيارة المهمة بأحداث أقل ما يقال عنها إنها تافهة.. فمن مشاجرة بين ممثلة ناشئة وضابط أرعن.. لصراع تافه بين محامٍ مثير للجدل ومذيع مشهور.. حتى يختتم الناس يومهم بالجدل حول أحقية «حذاء» النائب المحترم فى أن يوضع فى متحف مجلس النواب من عدمه!!
لم يدرك أحد أهمية ما قام به الرئيس فى تلك الرحلة.. الأمر الذى يؤكد أهمية أن يعيد النظام ترتيب أوراقه كلها.. والإعلامية تحديداً.. فالوجوه والأقلام التى يعتمد عليها الرئيس قد فقدت رصيدها لدى الناس.. وليس أكبر دليل على ما أقول إلا مداخلات الرئيس الهاتفية بنفسه للبرامج المختلفة!.. وكأنه يتساءل فى حيرة: لماذا لا يذكر أحد ما يتم إنجازه؟!
المشكلة أن النقد قد أصبح سوقاً رائجة هذه الأيام.. والهجوم -حتى دون أى معلومة أو رأى- قد يخلق أبطالاً بلا بطولة على الإطلاق.. ما يجعل البعض يستخدمه لمجرد الظهور.. دون أن يميز أحد الفرق بين النوعين!
ربما يكون انتقاد العيوب وإظهارها للنظام مهماً فى كثير من الأحيان.. ولكننى أتحدث عن النقد الموضوعى.. والذى يقوم على قاعدة مهمة.. أن مصلحة الوطن فوق الجميع..
أعرف أن ذرة الغبار قد تفسد كوب اللبن بأكمله.. وهى ليست ذرة واحدة.. بل ذرات كثيرة.. من فشل حكومى فى إدارة الحقائب الاقتصادية إلى تصريحات مستفزة غير مسئولة لبعض الوزراء الذين يسيئون للنظام وبشدة.. إلى تجاوزات سافرة من «الداخلية» التى يبدو أنها تصر على إفساد المشهد بالكامل.. وغيرها كثير.. ما يجعل الأمر يبدو وكأنه لا أمل فى إصلاح قريب!
ينبغى على الرئيس أن يعيد النظر فيمن يعتبرهم الناس من المقربين له.. وينبغى على الجميع أن ينظروا إلى الكوب كاملاً.. فنصفه الممتلئ -أو حتى ثلثه- قد يجعلنا نصبر على الجزء الفارغ.. بل ونحاول أن نملأه أيضاً.. ولكن المشكلة تتفاقم حتماً.. حينما يرى كل فريق نصف الكوب الذى يريد أن يراه فقط!!
استقيموا يرحمكم الله!