الوطن
امال عثمان
«الزند».. وأخطاء لا يجدى معها اعتذاراً!!
أؤمن بأن الخطأ يكون كبيراً بقدر ما يكون صاحبه كبيراً، لذا لا أعتبر تصريحات المستشار الجليل أحمد الزند، مجرد هفوات أو زلات لسان يمكن أن يقع فيها أى إنسان، وإنما ما صدر على لسان رجل القضاء المخضرم فى العديد من المناسبات، والمواقف منذ توليه وزارة العدل، هى إخفاقات تسىء لصورة وسمعة القضاء ونزاهته وحياديته واستقلاليته، وأخطاء لا يجدى معها اعتذاراً، ولا يبررها تعليلات وتفسيرات أو اعتراضات ومواقف غاضبة من محبيه ومؤيديه ومورديه!

وهذا ما يجعلنى أندهش حقاً من موقف السادة أعضاء مجلس إدارة نادى القضاة، فسواء كانت أخطاء المستشار الزند مجرد هفوات وانفعالات أضرت بسمعة مصر وسياساتها، أو زلات لسان أساءت لمقام الرسول الكريم، أو إخفاقات من مسئول رفيع يدركها القاصى والدانى، أو كانت من الأخطاء التى لا يجدى معها اعتذارات، فالمؤكد أنه ليس من حق نادى القضاة التدخل فى اختصاصات السلطة التنفيذية، وتحدى قرارات القيادة السياسية، واستصدار بيانات اعتراض على إعفاء وزير العدل من منصبه.

ولا أعرف ما المبررات التى دفعت مجلس إدارة نادى القضاة الموقر إلى إعلان حالة الانعقاد الدائم، وتجاهل الواجب والمسئولية الوطنية التى تفرضها عليهم مقاماتهم وقاماتهم الرفيعة، ولا أفهم ماذا يعنى سيادة المستشار عبدالله فتحى بالضغوط التى تم ممارستها على وزير العدل السابق؟! هل يقصد سيادته بتلك الضغوط، مشاعر الرأى العام الغاضب من تصريحات الوزير فى حق سيد المرسلين؟! أم استياء الكثيرين من انفعالاته الصاخبة غير المحسوبة، والغضب المفرط، الذى يصل فى النزاعات إلى حد الخصومة والعداوة والتشفى والانتقام؟! أم أنه يرى أن طلب رئيس الوزراء من أى مسئول تقديم استقالته استشعاراً للحرج، واستجابة لمشاعر الجماهير، يعد نوعاً من الضغط السياسى، وليس موقفاً يحفظ للسيد المستشار الجليل مكانته ومقامه الرفيع؟! وما الطريقة المثلى التى تليق بوزير تسببت تصريحاته فى إثارة الرأى العام، والإساءة لبلده ولمنصبه، ولم يترفع عن إقحام نفسه فى نزاعات وخصومات أضرت به، وبحيادية ونزاهة القضاء؟!

إن وزير العدل الأسبق تقدم باستقالته بسبب تصريح «ابن الزبال» الشهير، ولم يحدث أن ظل مجلس إدارة نادى القضاة فى حالة انعقاد، ولم يعتبر أحد أن «زلة اللسان» تلك نوع من تصيد الأخطاء، كما لم تصدر بيانات اعتراضية من نوادى القضاة، مثلما حدث مع تصريحات المستشار الزند، والتى كان آخرها وليس أولها «سجن النبى»، ذلك التصريح العجيب الذى تورط فيه بسبب خصومته الشديدة ونزاعاته وتصميمه على سجن الصحفيين، والذى يرى أن السجون أنشئت خصيصاً لهم!! وكأن استقالة أو إقالة المستشار الزند وحده سبة فى جبين القضاء المصرى!!

يا سادة.. إن وزير النقل اليابانى تقدم باستقالته من منصبه بعد أربعة أيام فقط من تعينه، بسبب تصريحات أدلى بها واعتبرت «زلة لسان»، حتى لا يعرقل فعاليات دورة البرلمان اليابانى، برغم أن رئيس الوزراء لم يطالبه بالاستقالة، وإنما اعتبر رحيله يدعو للأسف! كما استقال وزير الداخلية البريطانى بعد العثور على رسالة بريد إلكترونى أثبتت أن طلبه استقدام مربية قد لقى «عناية خاصة»! واستقال وزير الطاقة والمناخ البريطانى بسبب «تحايله على النظام» بتسجيله غرامة تجاوزه السرعة على رخصة القيادة الخاصة بزوجته!

وبسبب تمزيق ثلاثة طلاب كتبهم ابتهاجاً بنهاية عام دراسى اعتبره الطلاب عاماً مملاً، قامت الدنيا فى اليابان ولم تقعد، واعتبر البعض أن ما حدث كارثة تهدد مستقبل البلاد، وطلب رئيس الوزراء عقد جلسة طارئة للحكومة والبرلمان، وصعد وزير التعليم إلى المنصة، معلناً: أنه لا يستحق أن يكون وزيراً فى بلد يمزق فيه الطلاب كتبهم ضاحكين، وينفرون من المدارس إلى الإجازات فرحين!!

إن الرأى يمكن أن يتقبل اعتذار أى مسئول عن بعض الأخطاء والإخفاقات، لكنه لا يمكن أن يقبل أبداً تجبر أى فئة فى المجتمع وتحديها للدولة، أو استخدام أساليب ووسائل ضغط لإجبار القيادة السياسية على التراجع فى قراراتها، والإبقاء على وزير فى منصبه، مهما كانت إنجازاته ومنجزاته!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف