عباس الطرابيلى
هموم مصرية -كوارث.. العلاج بالقطارة!
لا ندرى، لماذا دائماً كل خطواتنا تجرى بالقطارة.. بينما نصاب «بسيلان» القرارات فى القضايا غير الحيوية.. ولماذا لا نفكر بالحسم أى بقرارات واحدة ـ حتى ولو كانت صادمة ـ ولكن فى الوقت المناسب؟
ومناسبة هذا الكلام هى أسلوبنا فى التعامل مع أزمة الدولار.. التى هى فى الأساس، أزمة العملة الوطنية.. أقول لكم: لأننا نفتقر الى وجود «قوة واحدة» فى علاج المشاكل الحيوية، لأن كل مسئول يرى أنه وحده ـ ووحده فقط ـ من يملك عصا سحرية. ولكننا نستيقظ فجأة لنراها «عصا من قش».. ولا نملك هيئة قوية عليا على الأقل فى المجال الاقتصادى.. هيئة تتبع رئاسة الجمهورية مباشرة.. وربما تكون بعيدة تماماً عن أى وزير تنفيذى.. مادام كل وزير يرى أنه الأقدر على الحل.. ولذلك نجد عندنا قوى متعددة، كل مسئول ينطلق فى اتجاه، ولا تربطهم خطة واضحة، أو استراتيجية ثابتة لحل مشاكلنا.
<< مثلاً: فى قضية الدولار التى أراها مشكلة للعملة الوطنية وليس العكس.. لماذا لا نتخذ حزمة واحدة من القرارات تخرج للناس كلها مرة واحدة، وليس بأسلوب القطارة.. وياليتها بالقطارة.. بل برائحة القطرة قطرة.. ذلك أننا لو اتخذنا قراراتنا ـ كما نفعل الآن ـ بأسلوب القطارة، فإن من يخطط لضرب مصر يستطيع هنا أن يمتص كل قرار على حدة.. ويسلبه كل إيجابياته. لأن المتآمرين يملكون بأيديهم قدرة المناورة.. والسيطرة.. وهم الأسرع فيما يخططون.
نعم.. قرار تشجيع المصريين بالخارج على شراء شهادات أو سندات دولارية بفائدة أكبر مما كانت، هذا قرار حكيم.. ولكن الفائدة هنا غير كافية.. لأن الفروق السعرية كبيرة.. ولا يهمنا هنا الخوف من إجراءات دولية إذا تجاوزنا سعر الفائدة السائد.. فالمهم هو فائدتنا نحن ، كوطن.. ونفس الوقت عندما طرحت بنوكنا القومية أوعية ادخارية دولارية فى الداخل.. لماذا لم يصدر هذا القرار وذاك فى قرار واحد، وتوقيت واحد.. لإغلاق الطريق على تجار العملة فى الداخل والخارج؟
<< ثم قرار زيادة سعر الدولار بحوالى 122 قرشاًَ من 773 قرشاً للدولار الى 895 قرشاً.. وهو قرار سليم واعتراف بالأمر الواقع، ويهدف الى تقليل الفجوة بين السعرين الرسمى والأسود.. ولكن لماذا لم يصدر مع ما سبقه من قرارات.. لتوجيه ضربة واحدة للمتلاعبين، المتآمرين.. حتى يفقدوا اتزانهم ولنستعيد وبسرعة السيطرة على سعر الدولار؟
ولكن هذا القرار الذى يقفز بسعر الدولار 15٪ على الأقل سوف يتبعه وفوراً زيادة كل الأسعار فى مصر وبنسبة مضاعفة، أى 30٪ وهى زيادة تمس كل ما يشتريه المصرى حتى الفجل والجرجير والمكوجى وأجرة الميكروباص.. وهنا كان يجب العودة فعلاً الى نظام التسعير الجبرى للسلع الأساسية، وتنشيط دور مفتشى وشرطة التموين للسيطرة على أى محاولات زيادة الأسعار وبالضعف.
<< وهناك قرار أراه ضرورياً أيضاً.،. وهو إغلاق شركات الصرافة ولو لمدة ستة أشهر حتى نوقف ضررها وتلاعبها فى الأسواق.. إذ لم تعد تنفع معهم حتى لو أنشأنا شرطة خاصة لمراقبتها.. لأن كل شىء يمكن أن يتم.. فى البيوت.
لماذا فعلاً لم تصدر «كل» هذه القرارات فى شكل حزمة واحدة.. لتأتى نتائجها وفوراً إيجابية؟
<< السبب ـ فى نظرى ـ هو غياب «هيئة عليا تضع استراتيجية واضحة تتبع رئاسة الجمهورية».. فهل هذا أمر ممكن؟!