يكرهونَ الشَّدوَ يا حبيبي
لهذا
يُصوّبون نِبالَهم
نحو جناحيَّ الأعزلين
حتى
تُسقطَ حصواتُهم
ريشةً
وحُلمًا
فلا أطيرُ
إلي حيثُ صوتِك
يغنّي فوق الشجر:
تعاليْ يا حبيبتي.
سهروا لياليَ
إثرَ ليالٍ
يجدلونَ قضبانَ الحديدِ
وترساناتِ رصاصٍ
ويفرشون الأرضَ الحزينةَ
بالخرسانة المسلحة
حتى يصنعوا سِجنًا مُحكمًا
يليقُ بجموحِ أفكاري التي تطيرُ
فيما وراء الحُجُبِ
نحو السمواتِ العُلا
رغمًا عنهم
ورغمًا عنّي.
ألمْ يخبرهم العارفونَ
أن خيطًا نحيلاً من الحريرِ
كان يكفي
ليربِطَ مِعصمي
ويكسرَ جَناحي؟
ألم يخبرْهم ذوو المعرفة
أن حصوةً ضئيلةً
من أقواسِهم
تشقُّ طريقَها
نحو قلبي
كانت تفي بما عزموا عليه عزمَهم؟!
ألم يخبرهم العرّافون
أن العصافيرَ
لا تحتاجُ أكثرَ من عود قشٍّ
لنحرِ أعناقِها؟ّ
لو كانوا يعلمون
لوفّروا أطنانَ الحديدِ
وشكائرَ الأسمنتْ
من أجلِ الفقراءِ
يبنون لهم
منازلَ وأكواخًا
تحمي أجسادَ العرايا
من ويلاتِ الصقيع.
إنهم يا حبيبي
يكرهونَ الموسيقى
لهذا
أغضبَهم همسي إليكْ:
أدركْني
يا بعيدَ الدارْ
هاتِ قيثارتَكْ
وغنِّ لي
أغنيةَ الفرح.
أيها الغلاظُ
وفِّروا زنازينَ العتمة
لسافكي الدمِ
وسفاحي الأحلامْ
وخلّوا عني كلبشاتِ الفولاذْ
للصوص العقولِ
وسارقي الأوطان.
لا تُشهروا أمام وجهي
سيوفَكم
فلا حاجةَ لي بها لأُنحَر
أنا
تقتلُني كلمةٌ
تخرجُ من فمٍ عبوسْ
لا يحبُّ النغَم.
أمهلوني برهةً
حتى ينتهي شهرُ الربيع
وعهدًا
سآتي إليكمْ
طائعةً
معصوبةَ العينين
بورقة شجرٍ
رابطةً مِعصميَّ
بسعفةِ نخيلٍ خضراءَ
حاملةً فوق ظهري
مِخلاةً
تحملُ أفكاري التي
ستطيرُ من ثقوبِ الجدران الخرسانية
إلى حيث لا تطالُها أياديكم
ولا تسألوا عن قلبي
فقد أودعتُه قبل مجيئي
في كفّ حبيبي
حتى يجعلَه ريشةً
يعزفُ بها
على قيثارتِه.