بوابة الشروق
عماد الدين حسين
الحياة تدب فى شرم الشيخ
مرة أخرى عادت الحياة لتدب مرة اخرى فى شرم الشيخ. مطار مدينة السلام الدولى تحول إلى خلية نحل. هناك طائرة تهبط كل خمسين دقيقة. الفنادق الكثيرة كاملة العدد تقريبا. جميع المصريين سعداء بالمؤتمر الدولى لدعم الاقتصاد المصرى باستثناء الإرهابيين والمتطرفين والظلاميين. لكن الأكثر سعادة هم العاملون فى هذة المدينة.. قابلتُ بعضَ هؤلاء فى الفنادق والمطار وسيارات التاكسى.. جميعهم يتحسرون على الحال التى وصلت إليه مدينتهم. والملاحظ أن عددا كبيرا منهم متعاطف مع حسنى مبارك، الذى ارتبط اسمه وعهده وبعض إقامته بهذه المدينة، وبالطبع لا يفرق معهم كثيرا نوع التنمية الذى أسسه مبارك، خصوصا فى شرم الشيخ، وهل يفيد الاقتصاد المصرى أم لا. الذى يفرق معهم أن تكون هناك سياحة ومؤتمرات وبشر من كل مكان. هذا هو ما يجعلهم يعودون لأعمالهم ويتقاضون رواتبهم وبعض «البقشيش».
القصص التى يرويها هؤلاء عن تجربة ما بعد ٢٥ يناير ٢٠١١ شبة متطابقة مع اختلاف التفاصيل الشخصية. معظمهم فقدوا الوظائف. عادوا إلى محافظاتهم وباعوا بعض ما يملكون وسحبوا أولادهم من مدارس اللغات وحولوهم إلى المدارس الحكومية، وبعضهم انفصل عن زوجته. سلوكيات العاملين والموظفين فى شرم الشيخ صارت أكثر حميمية تجاه السائحين لأنه من دونهم لا يوجد عمل وإن كانت هناك شكاوى من أن نسبة السياحة الفقيرة أو الرخيصة صارت هى الغالبة، أى: سائحون يدفعون للشركات فلوسا أقل ولا ينفقون الكثير.
الإعلاميون كانوا الأكثر بروزا. أعدادهم فاقت الألف طبقا للجنة المنظمة، وكانوا يتوقعون حضور مائتين فقط، ولذلك فإن اجراءات التسجيل كانت صعبة وطويلة. عدد الصحفيين الذين حضروا ربما أكثر من اولئك الذين حضروا الجمعية العمومية غير المكتملة لنقابة الصحفيين يوم الجمعة قبل الماضى. المهندس إبراهيم محلب زار المركز الصحفى أكثر من مرة للاطمئنان على أن الأمور تسير على ما يرام، ووجه لوما وعتابا لبعض الإعلاميين على كثرة الشكوى ومحاولة إفساد هذا الفرح الكبير، مطالبا إياهم بالتركيز على هذا الحدث الكبير وليس بالشكوى، وداعب الصحفيين قائلا: «احنا معندناش مشاكل احنا عندنا حلول لكل مشكلة».
بعض الصحف أرسلت نحو ثلاثين صحفيا وبعضها ارسل ثلاثة فقط، كلٌ حسب إمكانياته، وبعض الفضائيات أرسل نحو سبعين شخصا. احد المنظمين تمنى أن يفسح المصريون الطريق للاعلاميين الاجانب حتى يروا الصورة اوضح وحتى لا يتحول المؤتمر إلى «التبشير فى المؤمنين» فى حين نحن نريد أن يرانا الخارج بدلا من أن نرى أنفسنا.
أكتب هذه الكلمات صباح الجمعة أى قبل افتتاح المؤتمر بساعات وأظن أن الرسالة السياسية للمؤتمر قد تحققت، وهى هذا الحشد الكبير من غالبية بلدان العالم الذى جاء ليساند ويدعم مصر فى معركتها ضد الفقر والارهاب. ويبقى بعد ذلك تحقق الرسالة الاقتصادية وهى أن ينتهى المؤتمر بتمويل عربى وأجنبى حقيقى لمجموعة معتبرة من المشروعات الجادة تساهم ضمن إجراءات أخرى فى إعادة وضع مصر على الطريق الصحيح.
مرة أخرى.. مؤتمر شرم الشيخ ليس أداة سحرية ستقلب حياتنا الصعبة اقتصاديا إلى الرخاء المطلق فى لمح البصر. العالم لن يعطينا نقودا سائلة فى أيدينا بحيث نوزعها بالتساوى على أفراد الشعب، كما لن يعطينا منحا لصرف مرتبات الموظفين. ما نحتاجه من هذا المؤتمر هو إطلاق سلسلة من المشروعات الجادة تعيد ضخ الاستثمارات الأجنبية المفيدة لاقتصاد حقيقى وجاد وليس مشروعات ترفيهية أو ريعية. البداية والنهاية أن نكون نحن جادين أولا فى مساعدة أنفسنا قبل أن يساعدنا الآخرون. كل التمنيات الطيبة للمؤتمر بالنجاح؛ حتى نتمكن من اجتياز عنق الزجاجة الذى يريدنا البعض ألا نغادره أبدا.

اقرأ المزيد هنا: http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=14032015&id=b77e0712-82f0-4a92-babe-f9d813206648
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف