المساء
محمد جبريل
ع البحري .. عقد إذعان
مع مطلع كل شهر. يتجدد انتظارك لثلاثة أشخاص: محصل المياه. ومحصل الكهرباء. ومحصل الغاز. تشغلك- لحظة طرقات الباب- قيمة الايصال الذي يطلب السداد. لاتعرف أرقاما. فالقيمة أشبه بالمفاجأة. أو اللغز. يفاجئك المحصل وهو يقدم لك الايصال بالرقم المطلوب. تدفع دون سؤال. لانه لا مجال للسؤال. ولا للأخذ والرد. عليك بالرضا سواء جاء المبلغ مقبولاً. أم منافساً لارقام الفلك!
المواطن العادي. المحدود الدخل. يدبر ميزانيته الشهرية من خلال مفردات المصاريف الثابتة كالايجار والطعام والملابس والمواصلات وغيرها مما يشكل قائمة ثابتة يعد نفسه لدفعها. لكن الطاقة بتنوعها قد تعجز غالبية الاسر عن سدادها. فتطلب كعب الايصال لحين ميسرة. أو تحتج بأنها لم تستهلك ما يحمله الايصال. أو تطلب التقسيط!
الشفافية مطلوبة في تعامل المواطن مع الهيئات الثلاث. تحقيقها سهل بالابلاغ عن قيمة الاستهلاك لحظة قراءة العداد. وهو ما يتطلب تدريب المحصل- ومعظم المحصلين الآن من ذوي المؤهلات الجامعية- علي إجراء حساب فوري لكل قراءة. بحيث يعد المواطن نفسه للسداد. ويضمن المبالغ المطلوبة قائمة حسابه للشهر التالي.
عقد إذعان هو الوصف الانسب لتعامل المياه والكهرباء والغاز مع المواطنين. فهم مطالبون ان يدفعوا قيمة الايصالات دون سؤال ولان كل هيئة تحتكر "البضاعة" التي تسوقها. فلا يستطيع المواطن ان يلجأ إلي هيئة أخري. أو يفاضل بين تعامل أكثر من شركة. ويختار ما يقنعه. ذلك هو المعني الذي يطالعنا في شركات المحمول الثلاث. التنافس يدفعها إلي إغراء المتعاملين معها. بداية من الخدمة المتميزة. ونهاية بالاعلانات التي تؤكد فيها كل شركة جدارتها بثقة المواطن.
إذا لم تكن المفاضلة متاحة بين العديد من الهيئات في استخدامات المواطنين للطاقة. فإن المطلوب إبلاغ المواطن بالكيفية التي يجري بها الحساب. حتي لا يظل تعامله مع الهيئة سراً. ليس من حقه التعرف إليه. وإن كان من واجبه ان يسدد قيمة الايصال!
التعرف إلي حقيقة الاشياء يساعدنا علي تدبير ظروفنا. نعرف- علي سبيل المثال- عدد كيلوات الكهرباء والغاز. وكم استهلاك المياه. بالاضافة إلي المصاريف الادارية التي لابد أن تكون معلنة. فيتاح لنا تدبير مواردنا المحددة. دون إحساس بالمفاجأة!
قد يصح أسلوب المفاجأة في ألعاب الحظ. لكن ظروفنا المعيشية تحتاج إلي حسابات دقيقة. وتدبير. بعيداً عن التخمينات والاستنتاجات. وفقدان الحيلة بالتالي أمام اليد الممدودة بإيصال أرقامه تقطع الوسط!
نطالب بمجتمع الشفافية. وهو ما يجب ان ينعكس في معاملاتنا اليومية. ومنها القيمة الحقيقية لاستخدام الطاقة. إنها وسيلة مباشرة وموضوعية. لإدراك المواطن معني الشفافية.
بالمناسبة: أين الشفافية في معاناة شوارعنا أزمة في النظافة. بينما يضاف ثمانية جنيهات للنظافة علي كل إيصال كهرباء؟!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف