الجمهورية
منى نشأت
من الآخر .. يا.. قطة
بداخلك يا ابنتي قطتان.. الأولي شريرة.. قاسية.. عنيدة جشعة.. متسلطة.. كاذبة.. مغرورة.. وغيورة متعصبة.. أنانية.. لا تري إلا نفسها ولا تهتم إلا بشأنها.. فتحت الابنة عينيها وسألت باهتمام عن القطة الثانية التي تسكنها.. فأكمل الأب.. انها طيبة.. مسالمة.. متواضعة.. ودودة.. محبة.. صادقة.. تبرق عيناها بالأمل.. وهي دوما راضية.. واثقة.
صار صوت الأب أكثر حنانا ويداه تمسكان بيد صغيرته التي سألته من منهما سيعيش ويكبر داخلي.. فأجاب بحكمة: القطة التي ستطعمينها وتعتنين بها.
رحل الأب.. وكبرت الابنة.. وبقي السؤال بأي تربية حظيت تلك المرأة.. أو ذلك المخلوق ولو كنا نربي أولادنا علي تغذية قيم الحب والخير والجمال هل كانت ستقابلنا تلك الشخصيات والأنماط المشوهة نفسيا وأخلاقيا وداخليا.
و..غراب
كنت عائدة من عشر سنوات غربة.. عملت فيها و"شقيت" ووصلني العائد وأخذه الغراب وطار.. وبقيت لي صداقات كونتها وشخصيات من آخر البلاد مازالت وبعد مرور كل هذه السنوات تجعلني أول وجه مصري تقع عليه عينها متي وصلت مصر.
أقول قولي هذا لأني خلال فترة عملي بالخارج سمعت حكايات عن شخصية تشغل منصبا هاما ولها في قلبي موضع أهم.. بكل البساطة والتلقائية أخذت الطائرة وعدت.. دخلت عليه مكتبه المطرز بالفخامة.. حيث تضطر لأن تسير دقائق وخطوات لتصل من باب الدخول إلي مقعده والمكتب.. ولا أنسي أبدا أن عرض هذا المكتب لا يسمح مهما مد يده ومددت يدك.. بسلام.
رغم كل هذه الفواصل بيني وبينه اندفعت وقلت هل ممكن ان تكون انت من خربت.. قمت بهذه الأفعال.. انتقمت من مكانك.. هل من المعقول انك "شرير".
لم أضع في حساباتي رد الفعل الذي ربما يكون عنيفا أو قاسيا علي ما كنت عليه من براءة لكني دوما أضع ثقتي في النقاء.
كان لونه.. أبيض
اعتمد دوما علي ان الله يحمي قلوبا بيضاء.. وبالتأكيد ملائكته تحبهم وتحرسهم.
وقد كان لي قلب أبيض.. دفعت ملائكتي الرجل المهم للبقاء مكانه وأجبرته علي خفض الصوت ونكزته ليبتسم وأجبرته علي الصدق فلم ينكر ما فعل.. ولا جادل فيه.. وأخرج جملة لن أنساها أبدا.. قال اعطيتك خبرتي في الصحافة وسأعطيك درسا في الحياة.. يا ابنتي كلنا دكتور جيكل ومستر هايد.
دارت بي الأشياء من حولي ألف دورة.. انكسرت التحف المورانو وصارت قطع الكريستال النادرة في عيني فتافيت.. لم استطع تحمل تلك الحكمة التي بعثرت معتقداتي وافكاري.. كيف ينقسم القلب الأبيض وأسود.. كيف تسير الاشارات بين تلافيف المخ باشارة خير.. تليها رسالة شر.
ألم يقل الأب قديما في كتاب حكمته ان القطة التي ستعيش هي التي ستطعيمينها.
خربشة
وقتها منذ زمن لم أستوعب.. وعدي الزمان.. ورحل الرجل ذو المنصب.. وتذكرته.. حين تسامحت وتعاطفت وتغاضيت ورضيت وأعطيت وعشت بقطتي الأليفة لكني أشعر بالقطة الثانية.. فليس من المروءة أن نتركها بلا طعام.. ويوما ستحتاج قفزتها لأناس لابد لهم من خربشة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف