بمناسبة التعديل الوزاري المنتظر.. أريد أن ألفت نظر وزير العدل الجديد إلي مشكلة قلة عدد الخبراء التي قطعنا فيها شوطا طويلا ثم توقفت لأسباب خارجة عن إرادة الجميع. فحرام.. ثم حرام.. ثم حرام.. أن يتأخر البت في القضايا سنوات طويلة جدا من أجل تقرير الخبير.. والخبير معذور.. لمست وشاهدت وعاصرت ذلك بنفسي.. دولاب له درفتان فيه عدد رهيب من القضايا.. دوسيهات ضخمة تحتاج لدراسة طويلة الأمد.. كل خبير أو خبيرة بجوار هذا الدولاب.. ولكي تتم العدالة في أعلي صورها لابد من تحقيق مع طرفي النزاع.. وأحيانا المعاينة وما أدراك ما المعاينة تحتاج لوقت أطول لأسباب عديدة.
***
وكان السؤال هو:
ــ لماذا لا نزيد عدد الخبراء إلي الضعف أو أضعاف من أجل العدالة السريعة حلم الجميع؟
قالوا: الميزانية لا تسمح!!
قلت: لماذا لا يتم اصدار قانون أو لائحة بفرض تمغة أو ضريبة.. سمها كما شئت.. علي كل قضية أو ورقة يدفعها الخصوم.. وهذا في مصلحتهم ومصلحة الخبير المثقل بالعمل الشاق الكثير.. وأولاً وأخيراً.. في مصلحة العدالة!!!
ثم نحن أمام لوغاريتم غريب .. الجامعات تلقي كل عام بآلاف من الخريجين بمختلف التخصصات علي الرصيف لتزيد من كارثة البطالة ونحن في أشد الحاجة لهم.. لأن إدارة الخبراء تحتاج لكل التخصصات.. نحن في حاجة لخبراء من الصناعة والزراعة والاقتصاد والحساب والطب.. نحن نريد كل هذه التخصصات.. فلماذا لا يتم تعيينهم في إدارة الخبراء بعيداً عن خزانة الدولة.. لمصلحة كل الجهات..
قيل: لابد من موافقة مجلس النواب..
قلت: ومن سيعارض مشروعا في مصلحة الجميع؟!
***
أذكر في الستينيات كانت بعض المحاكم في شقق العمارات.. كان شارع السودان في امبابة فيه أكثر من عمارة كل شققها محاكم.. وكانت دورات المياه والمطابخ مخازن للقضايا!!! كانت مهزلة.. فأصدر جمال عبدالناصر قرارا بفرض رسوم علي كل ورقة في كل القضايا لوضعها في صندوق كان مشهورا أيامها.. صندوق اسمه "بناء مجمعات المحاكم".. ثم اضطر عبدالناصر أن يسحب الكثير من هذا الصندوق الذي امتلأ بالملايين في فترة قصيرة لإعادة بناء الجيش.عندنا سابقة مشهورة.. لماذا لا نعيدها ونحن في أشد الحاجة إليها في هذه الأيام؟!!!
***
إن منظر هؤلاء الشبان والشابات "الورد" أولاد الناس الطيبين المثقفين خريجي المدارس والجامعات الأجنبية.. دموعهم تغطي وجوههم.. واقفين في الردهات تائهين لا يعرفون ماذا يفعلون.. الجدود والآباء ماتوا وهم لا يعرفون بل لعلهم لا يعلمون شيئاً عن القضايا التي مرت عليها عقود لا سنين!!!
قال شخص ما: هناك مئات من هؤلاء.. فقاطعه آخرون لا تقل مئات.. هناك آلاف..!!! اذهب إلي القري وستري!!لماذا العذاب وفي ايدينا الحل.. ولنا سابقة في هذا المجال؟؟
عشمنا كبير في الوزير الجديد.. ومن أجل هذا أكتب اليوم حتي لا تضيع الخطوات الأولي التي تم اتخاذها...
يا ريت نتبع تقليدا أوروبيا.. الوزير الذي يترك منصبه يجتمع بالوزير الجديد ليشرح له كل ما يفيد الوزير الجديد حتي لا يبدأ من "الصفر" ـ كفانا أصفاراً !!!