عندما طرحت مصر التصويت على مرشحها السيد أحمد أبو الغيط ليتولى منصب الأمين العام القادم لجامعة الدول العربية خلال الجلسة الخاصة لوزراء الخارجية العرب وأحبطت محاولات قطر فى التأجيل، فلقد فرضت مصر إرادتها.
يعتبر اختيار السيد أحمد أبو الغيط انتصارا ضخما لمصر يعكس شفافية الدبلوماسية المصرية فلقد تمسك وزير الخارجية سامح شكرى بالموقف المصرى ورفض المساومة وأنصاف الحلول وقال إما هذا أو لا شىء، ومصر عندما تقول ذلك يستمع الجميع ولذلك ماحدث فى مارس 2016 هو نقطة تحول فارقة تؤكد ان مصر عندما تريد تحقق، وهى تنضم إلى تصويت دول على عضوية الجمعية العامة بالضبط .
ولقد حصلت على 179 صوتا من 191 وهى أعلى أغلبية أخذتها على مر العقود..
ولاشك أن هناك تحديات بلا حدود تنتظر الأمين العام القادم أبو الغيط وبالذات ان المنظمات الدولية والإقليمية تواجه محنة كبيرة فى العالم أجمع فلم تعد الأمم المتحدة قوية ولا الاتحاد الافريقى ولا منظمة الجامعة العربية فى حين إن الاتحاد الأوروبى إلى حد ما لا يواجه محنة بسبب «السرعات المتفاوتة ويسمح لمن يريد أن يلحق بالقطار فى الوقت الذى يحدده، بدليل أن بريطانيا مازالت حتى الآن محتفظة بمجموعة الاسترلينى ومازالت خارج فضاء «الشنجين» ومجموعة «اليورو» وسوف تصوت هذا الصيف على استمرار عضويتها فى الاتحاد الأوروبى من عدمه وترى إن علاقاتها عبر الأطلنطى بأمريكا مفيدة لها أكثر من علاقاتها مع الدول الأوروبية وهى مصممة على أن هناك مايسمى القارة أو المملكة المتحدة وحدها !
إذن فإن قبضة التنظيم الدولى أصبحت هشة وذلك ينطبق على جامعة الدول العربية حيث ضعف الإرادة العربية وعدم حماس الدول العربية إزاء تقوية الجامعة وعدم وجود شروط جزائية. ومازال هناك تمسك بقاعدة الإجماع وعملية الإرضاء الشكلى لكل الأطراف دون الوصول لحلول..
ولذلك لم تتمكن الجامعة العربية حتى الآن أن تثبت دورها.. وسوف يحكم التاريخ على موافقة الجامعة على دخول قوات حلف شمال الأطلنطى فى ليبيا وعلى ماأسفرت عنه نتائجها كما يؤكد المراقبون بغض النظر عن تجريمنا لنظام القذافى.. الجامعة العربية كما يرى بعض الدبلوماسيين المخضرمين هى أيضا التى جمدت عضوية سوريا فى كل اجتماعاتها فلم يعد لدينا خط مباشر للتعامل مع الدولة السورية التى هى دول عربية.
وإذا كانت الأخطاء تتراكم فى منطقتنا فهى نتاج لإرادة عربية ضعيفة!
وإذا كانت الجامعة العربية لم تعد جهازاً فعالاً فهذا يعود الى أن ميثاق 1945 لا يصلح لعام 2016، إذن أمام الأمين العام تحديات عديدة من أهمها مراجعة الميثاق وبنية المنظمة وجهازها الإدارى وإعادة بناء هياكلها إلى جانب مواجهة شفافية كاملة لمشكلات العالم العربى، حيث إن من بين آليات التحرك العربى هى حتمية الارتفاع فوق السياسات القطرية وعدم اختزال الأمن القومى العربى فى مجلس التعاون العربى وأهمية التوافق على الموقف إزاء سوريا واليمن.
ومرحبا بأحمد أبو الغيط أمينا عاما للجامعة العربية وبالذات أنه انتصار لمصر وللدبلوماسية المصرية وهو بلاشك يتميز بنشاط وحيوية كبيرة، فاعتدناه يبدأ عمله السابعة ولاشك أنه يتمتع بملكات عديدة وخلفية دبلوماسية وسياسية عريضة بالنسبة لكل من عرفه عن قرب أو حتى قرأ كتابه المتميز «شهادتى» الذى يحكى فيه بسلاسة شديدة عن محطاته المهمة فى السياسة الخارجية المصرية.
فندعو له بالتوفيق لمصلحة مصر والمنطقة العربية.. وأعانه الله فى مسئوليته المقبلة.