د. محمود خليل
الرئيس و«أهل البيت المباركى»
هل هناك صراع تدور رحاه حالياً بين كل من الرئيس وفلول «البيت المباركى»؟. أغلب الظن أن نعم. فثمة أحداث عديدة تتلاحق ما بين الطرفين، تجلت ذروتها فى إقالة المستشار أحمد الزند من وزارة العدل، وحتى تكون الأمور محددة، فإننا نقصد بـ«فلول البيت المباركى» تلك الشخصيات التى اعتبرت ثورة يناير «مؤامرة» تحلقت أطرافها حول فكرة إسقاط «مبارك»، وهى من ناحيتها ترفض أن ينهار البيت برمته بعد أن توارى كبيرهم إلى الظل، تقديرى أن هذا الفريق يديره «فريق»، أو بعبارة أوضح الفريق أحمد شفيق الذى يعيش الآن فى دولة الإمارات العربية المتحدة، فهو أشبه بناظر الوقف «المباركى» الذى يظن أتباعه أنهم ورثوا السلطة عن «مبارك»، وقد لا يجدون مانعاً فى إشراك غيرهم فيها، ولكن بشروطهم. يضم الفريق الذى يقوده «الفريق» إعلاميين ورجال مال وسياسيين سابقين وحاليين ورجال دين، بل وربما أيضاً رجال حكم، يتحلقون حول فكرة أن «الحكم» لا بد أن يكون لهم، حتى ولو كان من وراء حجاب.
«السيسى» رئيس دولة يرى أن السلطة لا بد أن تكون فى يده هو، وأن من حقه أن يؤسس لتجربته السياسية، ولأسلوبه فى إدارة السلطة، أو بعبارة أخرى يريد أن ينشئ «بيت الحكم» الخاص به. وهذه طبائع الأشياء، ومنطق الأمور، وقوانين الحكم. ربما يكون الرجل قد أحس نتيجة مجموعة الأزمات المتلاحقة أمنياً وسياسياً واقتصادياً أن ثمة أصابع تعبث فى الدولة، مستهدفة هز نظام حكمه، ظهر ذلك واضحاً فى خطاب الرئيس الذى قال فيه: «اللى هيقرب من مصر هشيله من على وش الأرض». هل كانت هذه الرسالة موجهة إلى تلك الأصابع التى تعبث؟. ربما!، فى كل الأحوال توالت الضربات بعد هذا الخطاب للعديد من رموز «البيت المباركى»، لكن الضربة الأقوى -باتفاق الجميع- تمثلت فى إقالة المستشار «الزند»، ورغم محاولات أطراف عدة صدها، إلا أن أحداً لم يفلح فى ذلك، لأن أية مواجهة كان من الوارد أن يترتب عليها عواقب وخيمة، إذ لن يبرر أحد لوزير أو نادٍ أو جماعة ضغط أن تعاكس الرئيس، عندما يمارس حقه فى إقالة وزير، خصوصاً أن الإقالة كانت تستند إلى رأى عام غاضب، جراء التصريحات الأخيرة لوزير العدل السابق. الضربة فى كل الأحوال كانت شديدة الدلالة.
بعد الإقالة بساعات قطع «الزند» تذكرة سفر إلى أبوظبى، لم يؤكد فيها موعد العودة!. ويبدو أن الإمارات أصبحت ملتقى الأحبة من أهل «البيت المباركى»، وهو أمر طبيعى، فمن المنطقى جداً أن يلوذ أى مقطوع من هذا البيت إلى ناظر الوقف الذى يعيش هناك، أو كابتن الفريق: الفريق أحمد شفيق. فى تقديرى أن الأيام المقبلة ستشهد ضربات جديدة سواء من جانب الرئيس أو من جانب أعضاء «البيت المباركى»، لأننا بصدد صراع يملك كل طرف فيه أدوات يستطيع أن يوجع بها الآخر، وهى أدوات متنوعة فى الداخل والخارج، وظنى أن عام 2016 سيكون عاماً حاسماً فى هذا السياق، لكن المؤكد فى كل الأحوال أن الأحرص على الإصلاح ستكون له اليد الطولى على الطرف الأحرص على المصالح!.