مصطفى شفيق
من قلبى .. وزير العدل من المكافأة ... إلى الإقالة
الذين دافعوا عن الزند لم ينصفوه ... والذين هاجموه ظلموه
كالعادة ، انقسمنا حول قضية المستشار أحمد الزند ... وذهبنا كل مذهب ... ولا أرى إنصافا في كلام من دافع عن الرجل فيما قاله عن الرسول الكريم ... ولا عدالة فى كلام من صب عليه جام غضبه ... فالذين دافعوا عنه تحدثوا عن زلة لسان ... وعن ضرب مجموعة 30 يونية ... وعن غفران الله للزلات ... وعن التسامح بين البشر ... وعن الاستفزاز الذى تعرض له الرجل ... والحقيقة أن كل هذه الحجج ... والأعذار لا تنصف الرجل بقدر ما تصب فى اتجاهات أخرى ... إذ متى يمكن أن نحاسب وزيرا إذا نحن أعفيناه من زلات اللسان ؟ ... وإذا كنا قد ثرنا بالأمس على خلفه المستشار إبراهيم محفوظ على حديث أساء لأبناء عمال النظافة ... فكيف يمكننا أن نتسامح فى حديث اعتبره صاحبه نفسه تجاوزا فى حق النبى محمد؟ أما من ذهب إلى الحديث عن «تفكيك مجموعة 30 يونية» فقد ظلم الرجل ... والشعب ... والثورة ... وقلل من قدر الرجل كقاض قديم ... إذ معنى هذا أن اختيار المستشار أحمد الزند لمنصب وزير العدل لم يكن عن كفاءة ... لكنه كان مكافأة على موقف اتخذه للمساندة ... وبعيدا عما يفتحه هذا الكلام من نقاشات حول معايير اختيار المسئولين ... وعن القضية الأزلية فى اختيار أهل الثقة أم أهل الكفاءة ... فإن أصحاب منطق المكافأة والتفكيك لم يفتحوا هذا الحديث عند عزل محمد إبراهيم وزير الداخلية السابق ... ولا عند تكليف شريف إسماعيل بتشكيل الحكومة بدلا من إبراهيم محلب .. ولا ينكر أحد أن موقف الزند كان من المواقف الداعمة للثورة والمؤثرة بقوة فى نجاحها ... خاصة مع تمثيله فى هذا الوقت لغالبية القضاة فى الوقت الذى اعتلى البعض منهم منصة رابعة ... وأصدر البعض الآخر بيانا مناهضا لعزل مرسى ... ولا أظن الزند نفسه اتخذ موقفه هذا بحثا عن مكافأة أو عن منصب يتقلده ... ولو كان المنصب مكافأة للزند... فكيف نكافئ كثيرا من الجنود المجهولين فى هذه الثورة؟ ... وكيف نكافئ 33 مليونا خرجوا في الشوارع ضد اختطاف الدولة؟ كما أن هذا التصنيف يعنى أننا تخلصنا من اختطاف الدولة لحساب فريق يغفر لأتباعه أخطاءهم... وزلات الألسنة ... ليتسلمها فريق آخر يسعى لغفران الأخطاء ... وزلات الألسنة ... وهذا التصنيف أيضاً أخطر على الدولة من تفجيرات الإرهاب ... واتهامات الانقلاب ... أما الحديث عن الغفران فإن الله يغفر لمن يشاء ... ويملك أن يغفر للمستشار الزند زلته ... والرجل نفسه يعلم ذلك باعتباره أزهريا ... وأعلم أن المستشار أحمد الزند يتمتع بالقدر الكافى من التدين الذى لا يضعه بين المتشددين ... ولا يصمه بالتفريط ... وهو ما دفعه للحديث إلى الشيخ الطيب خارج البلاد ... والزند لم يخالف نفسه حينما أعلن توبته ... ولم يخجل أن يقول على الملأ جئتك نادما يا رسول الله ... ولا يقول هذا القول إلا صاحب إيمان كاف للشعور بقدر الخطأ الذى اقترفه ... أما التعلل بتعرض الزند للاستفزاز فبغض النظر عن أنه مرفوض بالنسبة للقاضى ... فهو نفس المنطق الذى يدافع به قاتل دربكه سائق الدرب الأحمر عن نفسه ... ولا يجوز أن يستفز القاضى سواء كان على منصة القضاء ... أو كان يمشى بين الناس.
وبعيدا عن كل التبريرات ... فإن الكلام العلمى الذى سمعته فى هذه القضية قاله الفقيه الدستورى الدكتور شوقى السيد ... إذ قال إن قرار إقالة المستشار الزند غير دستورى ... وإن الدستور حدد 4 وزارات سيادية تخضع للتشارو فى التعيين مع رئيس الجمهورية بينها وزارة العدل ... ومع وجاهة المنطق ... وقوة صاحبه العلمية ... أحسب أن من يملك حق التشاور ... يملك حق التفويض فى إصدار القرار ... ولا يمكن أن يكون قرار الإقالة قد صدر دون تشاور مع الرئيس ... ولا دون موافقة صريحة لا تحتمل التأويل.
الخطورة فى كلام المستشار الزند أنه جرح الشعور العام للمسلمين ... بمن فيهم الزند نفسه ... تزداد الخطورة فى الوقت الذى لم يسلم فيه الإسلام والمسلمون من إساءات الغرب بدعوى حرية التعبير ... وبهذه الدعوة نال رسولنا الكريم إساءات كثيرة... وفى وقت أيضا تسعى فيه الأجهزة الرسمية للدفاع عن الدين ... وعن رسوله والإصرار علي حديث الوسطية.
أحسب أن المستشار أحمد الزند يستحق التقدير والاحترام ليس على دوره فى ثورة يونية ... ولا على ما أنجزه فى وزارة العدل ... ولا فى نادى القضاة ... ففى كل هذه الأحوال كان الرجل يؤدى واجبات الوظيفة ... أو مقتضيات الوطنية ... لكن اعترافه بالخطأ وفداحته يستحقان تقديرا خاصا فى زمن عز فيه اعتراف المسئول وغير المسئول بخطئه.
تباريح
كلنا يكره الخطأ دائما ... لكن بعضنا يكره المخطئ