عباس الطرابيلى
هموم مصرية .. اللعب في عبوة السلع!!
أتابع جهد «وشغل» الدكتور خالد حنفي وزير التموين والتجارة الداخلية وهي وزارة نشأت مع بدايات الحرب العالمية الثانية للسيطرة علي الأسواق وضمان توافر السلع بها.. وأعلم أن للرجل انجازات طيبة.. ويكفي أنه يحاول، ورغم أنني لست من حملة بطاقات التموين، أو المنتفعين بنظام الخبز المدعم، إلا أنني أري جهده يستحق التقدير والاحترام.
ولكنني أريد أن أوجه نظر معالي الوزير إلي ضرورة العودة إلي نظام التسعير الجبرى، وفي هذا ليس اعتداء علي حرية التجارة.. بل مواجهة صريحة للجشعين من التجار.. وأعرف أكثر أنه في ظل معركة الدولار مع الجنيه المصري، وأثرها علي ارتفاع أسعار معظم السلع سوف يتلاعب الجشعون، هنا يجب العودة إلي نظام مفتشي التموين، وأيضاً شرطة التموين.. ومحاربة لعبة »حبس» بعض السلع بهدف تعطيش السوق.. حتي يجد المستهلك نفسه مجبراً علي شرائها بأي سعر..
<< ولكن هناك معركة أكبر وأبشع.. تلك هي معركة «عبوات» كثير من السلع. فالجشعون آه لن يتلاعبوا في الأسعار مباشرة.. ولكنهم يستخدمون سياسة «العبوات» أي تعليب السلعة للحصول علي أرباح أكبر، دون الدخول في عملية زيادة الأسعار.. خصوصاً وأن المصريين يعشقون الآن عملية العبوات المغلفة.. وقد نشأت في مصر شركات تخصصت في عملية التعليب والتغليف، أخذت تقوم بتغليف كل شيء من السكر إلي الأرز والعدس وفول التدميس.. إلي الكمون والحبهان والقرفة.. وكل هذا جميل.. وامتدت العملية إلي المكرونة والعديد من البقول.. وحتي المياه الغازية والعصائر..
<< وهنا نجد «اللعب علي أصله» فهل راجعنا الوزن الطبيعي والسليم لهذه العبوات. وإذا كانت الدولة تتدخل ومنذ قرون في عملية صك العملة ذهبية أو فضية أو من أي معدن لتضمن عدم العبث فيها.. فإننا نطالب الدولة الآن بمراقبة عملية التعليب والتغليف وما علي شاكلتهما.. ذلك أننا نجد أحياناً ـ في المكرونة ـ ما يعتقده المشتري يزن كيلو جراماً أو نصف الكيلو نجد الأول حول 850 جراماً أو 900 جرام والثاني يتراوح بين 300 جرام و350 جراماً.. وقس علي ذلك ـ يا معالي الوزيرـ وزن عبوات الأرز والسكر والعدس وتقريباً كل ما هو مغلف.. وللأسف فإن المستهلك البسيط يشتري وهو «علي نياته» .. ولم يحاول أحدهم أن يعيد وزن العبوة.. وإلا لوجدنا في كل بيت.. ميزاناً!! نعم هذه الشركات تكتب ـ أحياناً ـ الوزن علي العبوة. ولكن ببنط صغير قد لا تراه العين ولكننا نعرف أن بسطاء المستهلكين لا يعرفون القراءة.. وهنا مربط الفرس!!
<< والشركات تربح هنا مرتين: الأولي مرئية بحكم انها تقدم سلعاً نظيفة وجيدة ـ يعني بلا كسر أو زلط أو حتي ذنيبة. أما الثانية فهي غير مرئية، أقصد بتقليل وزن العبوة خصوصاً وأن البعض يكتب أحياناً أن الوزن قابل للزيادة وللنقصان بنسبة 10٪ مثلاً. والمضحك أنها أبداً لا تزيد.. بل دائماً تنقص.. وأحياناً تضيف عملية التغليف علي التكاليف، وهذا حقها.. ولكن بدون مبالغة..
<< وحتي شركات المياه الغازيةـ وكلها في حروب مشتعلة بينها البعض ـ لجأت إلي سياسة تقديم العبوة «يعني السائل» في زجاجات «أتخن كثيراً» من الداخل بهدف تقليل كمية المياه الغازية، داخل الزجاجة!! وتلجأ بعض شركات تعبئة زيوت الطعام إلي اللعب في العبوة بنفس الأسلوب.. وحتي زجاجات الخل.. تخيلوا. والنتيجة واحدة وهي تقليل العبوة الداخلية لتحقيق مكاسب أخري.. غير منظورة للمستهلك البسيط..
<< ولا تقولوا لنا: تلك مهمة جمعيات حماية المستهلك.. ولكنها أيضاً مسئولية وزارة التموين بكل أجهزتها.. حماية لسلامة «الموازين والمكاييل» والله يرحمه عصر المحتسب!!
ماذا يقول الوزير النشط الدكتور خالد حنفي؟.. أنتظر رداً يحفظ حقوق المستهلكين.