المساء
مؤمن الهباء
ترقيع القوانين ليس حلاً
تتجه النية داخل لجنة تعديل قانون تقسيم الدوائر الانتخابية إلي زيادة عدد أعضاء مجلس النواب القادم.. هناك من يتحدث عن ان عدد النواب سيصل إلي 600 نائب.. وهناك من يقول ..630 والبعض يتراجع إلي 540 نائبا والبعض الآخر يرتفع قليلا إلي 567 نائبا.
والسبب في هذه المزايدات يرجع إلي ان الدستور نفسه لم يحدد عدد أعضاء مجلس النواب في مواده الانتقالية.. وترك الباب مفتوحا لما أسماه بـ "التمثيل الملائم".. ومن هنا ظهرت الاجتهادات والاقتراحات الفجة داخل اللجنة المكلفة بتعديل قانون تقسيم الدوائر.. وهو القانون الذي قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستوريته.
وطبقا للتقارير المنشورة في هذا الشأن فإن زيادة عدد النواب سوف يستلزم إجراء بعض التعديلات في القاعة الرئيسية حتي تستوعب الأعداد الزائدة وقد تم بالفعل ضم شرفة الصحفيين إلي القاعة.. وفي المرحلة التالية سيتم ضم شرفة رئيس الجمهورية وحرمه.
وما يهمنا هنا هو التأكيد والتذكير بأن قوة البرلمان وفاعليتها لا تتحقق بزيادة أعداد النواب.. ولو وصل عددهم إلي ألف فلن يكون ذلك دليلا علي انهم فعلا يمثلون الشعب.. وفعلا لديهم القدرة والكفاءة لممارسة التشريع والرقابة علي السلطة التنفيذية بما يحقق الديمقراطية والحكم الرشيد في مصر ويصلح أحوال البلاد والعباد.
وقد شاهدنا في البرلمانات السابقة عندما كان عدد الدوائر 222 دائرة وعدد النواب 444 عضوا كيف كانت القاعة الرئيسية فارغة من النواب في جلسات مناقشة ميزانية الدولة أو مناقشة استجوابات المعارضة.. ولم تكتمل القاعة أبدا إلا باستدعاءات رسمية للنواب حينما يأتي رئيس الجمهورية لإلقاء خطابه.
قوة البرلمان تأتي من قوة الشخصيات التي يضمها وليس من عدد النواب.. والشخصيات القوية لن تدخل البرلمان الا من خلال قوانين صحيحة وعادلة تكفل ان يكون المرشح ممثلا للجماهير ومجسدا لآمالها وطموحاتها وليس مدعوما بالسلطة أو بنفوذ العائلة والقبيلة.. أو بنفوذ المال السياسي.. أو بالبلطجة والإرهاب.
القوانين الصحيحة والعادلة لن تأتي لنا بالنواب النائمين أو الغائبين أو نواب الكيف أو النواب المتخصصين في نهب المال.. وإنما ستأتي لنا بنواب قادرين ان يصنعوا مستقبلا أفضل لهذا الشعب ولذلك فلابد من ان تتجه النية إلي وضع قوانين تضمن إجراء انتخابات حرة نزيهة.. وليس فقط ترقيع القوانين المطعون فيها.
وتجدر الاشارة هنا إلي أن قانون تقسيم الدوائر كان واحدا من القوانين المطعون عليها أمام المحكمة الدستورية العليا وقد ألغته المحكمة كما نعرف.. وقيل انها رفضت الطعون الأخري المتعلقة بالقوائم ومباشرة الحقوق السياسية ومجلس النواب.. وفي الحقيقة لم ترفض بل حكمت فقط بعدم قبولها لعدم توافر عنصر الصفة والمصلحة للطاعنين.. أي ان الحكم بعدم الدستورية مؤجل إلي حين توافر الصفة والمصلحة.
والرسالة هنا واضحة.. انه يمكن بعد ذلك ان تحكم المحكمة بعدم دستورية قانون انتخابات مجلس النواب وقانون مباشرة الحقوق السياسية.. وهو ما يعني ان هذه القوانين لا توفر امكانية لتحصين الانتخابات القادمة ولا تحصين المجلس نفسه.
فأصلحوا القوانين بنية خالصة.. ولا تكتفوا بالترقيع.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف